عبق التواصل
مرحبا بك الزائر العزير بعد اطلاعك على المنتدى يسعدنا ويشرفنا بانضمامك الى منتداك الاول ولك فائق الشكر والتقدير
عبق التواصل
مرحبا بك الزائر العزير بعد اطلاعك على المنتدى يسعدنا ويشرفنا بانضمامك الى منتداك الاول ولك فائق الشكر والتقدير
عبق التواصل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبق التواصل

الموقع الرسمى لأبناء القريه 20
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا زائرنا الكريم تفضل بالتسجيل شبكة منتديات القريه عشرين تتشرف بانضمامكم اليها

مبروك قروب واتساب القريه عشرين بانجازاتهم المحققه
واتساب القريه عشرين يبشار اكبر انجاز مشروع طريق معبد يربط القريه عشرين بحلفاج
تشيد او حفر بئر مياه شرب عبر واتساب عشرين
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
سحابة الكلمات الدلالية
الخطاب
المواضيع الأخيرة
» الرحيل المنسي(1)
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالأربعاء يوليو 28, 2021 3:54 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» الرحيل المنسي (2)
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالأربعاء يوليو 28, 2021 4:03 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» رثاء المرحوم/ محمد عبدالرحمن قيل .... بقلم نورالدين ابونوباتيا
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالسبت سبتمبر 29, 2018 3:11 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» رثاء المرحوم الاستاذ/ محمد محي الدين عربي ... بقلم.ابونوباتيا
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالسبت سبتمبر 29, 2018 2:13 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» إختلف الوضع وتغيرت الحال مما عرفنا حاجه إسمها الإغتراب ...
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالخميس أغسطس 09, 2018 11:39 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» العلاقه بين امبكول وارقو والسراريه
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالخميس أغسطس 09, 2018 7:32 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» الإطار التشريعي لحماية آثار النوبة
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالأربعاء أغسطس 01, 2018 12:59 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» سياحمد برسي
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالسبت يوليو 28, 2018 3:45 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» الصعوط بالسين ولا الصاد
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالجمعة يونيو 29, 2018 4:58 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 
اليوميةاليومية
التواجد بالمنتدى والمشاركات
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط عبق التواصل على موقع حفض الصفحات

 

 تفسير سورة البقرة من الايه 126_150

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوهزاع الدقنسابي
المدير العام
المدير العام
ابوهزاع الدقنسابي


عدد المساهمات : 890
نقاط : 5127
مرسئ : 0
تاريخ التسجيل : 26/08/2013
الموقع : شبكة منتديات القريه عشرين
العمل/الترفيه : المدير العام

تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة من الايه 126_150   تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالأربعاء مارس 12, 2014 5:56 pm

2 ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﻋﺪﺩ ﺁﻳﺎﺗﻬﺎ 286 )
ﺁﻳﺔ 150-126 (
ﻭﻫﻲ ﻣﺪﻧﻴﺔ
} 126 { } ﻭَﺇِﺫْ ﻗَﺎﻝَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢُ ﺭَﺏِّ ﺍﺟْﻌَﻞْ ﻫَﺬَﺍ
ﺑَﻠَﺪًﺍ ﺁﻣِﻨًﺎ ﻭَﺍﺭْﺯُﻕْ ﺃَﻫْﻠَﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺜَّﻤَﺮَﺍﺕِ ﻣَﻦْ ﺁﻣَﻦَ
ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺍﻟْﻴَﻮْﻡِ ﺍﻟْﺂﺧِﺮِ ﻗَﺎﻝَ ﻭَﻣَﻦْ ﻛَﻔَﺮَ
ﻓَﺄُﻣَﺘِّﻌُﻪُ ﻗَﻠِﻴﻠًﺎ ﺛُﻢَّ ﺃَﺿْﻄَﺮُّﻩُ ﺇِﻟَﻰ ﻋَﺬَﺍﺏِ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ
ﻭَﺑِﺌْﺲَ ﺍﻟْﻤَﺼِﻴﺮُ {
ﺃﻱ: ﻭﺇﺫ ﺩﻋﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ , ﺃﻥ
ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻠﺪﺍ ﺁﻣﻨﺎ , ﻭﻳﺮﺯﻕ ﺃﻫﻠﻪ ﻣﻦ
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ، ﺛﻢ ﻗﻴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ , ﺗﺄﺩﺑﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ , ﺇﺫ ﻛﺎﻥ
ﺩﻋﺎﺅﻩ ﺍﻷﻭﻝ , ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻃﻼﻕ , ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ
ﻓﻴﻪ ﻣﻘﻴﺪﺍ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺩﻋﺎ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺮﺯﻕ , ﻭﻗﻴﺪﻩ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ,
ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺯﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ,
ﻭﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻊ , ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: } ﻭَﻣَﻦْ
ﻛَﻔَﺮَ { ﺃﻱ: ﺃﺭﺯﻗﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ , ﻣﺴﻠﻤﻬﻢ
ﻭﻛﺎﻓﺮﻫﻢ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻴﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﺎﻟﺮﺯﻕ
ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ , ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻌﻴﻢ
ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ , ﻓﻴﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻠﻴﻼ
} ﺛُﻢَّ ﺃَﺿْﻄَﺮُّﻩُ { ﺃﻱ : ﺃﻟﺠﺌﻪ ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﻜﺮﻫﺎ
} ﺇِﻟَﻰ ﻋَﺬَﺍﺏِ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻭَﺑِﺌْﺲَ ﺍﻟْﻤَﺼِﻴﺮُ {
} 127 - 129 { } ﻭَﺇِﺫْ ﻳَﺮْﻓَﻊُ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢُ
ﺍﻟْﻘَﻮَﺍﻋِﺪَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺒَﻴْﺖِ ﻭَﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞُ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﺗَﻘَﺒَّﻞْ
ﻣِﻨَّﺎ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧْﺖَ ﺍﻟﺴَّﻤِﻴﻊُ ﺍﻟْﻌَﻠِﻴﻢُ * ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﺍﺟْﻌَﻠْﻨَﺎ
ﻣُﺴْﻠِﻤَﻴْﻦِ ﻟَﻚَ ﻭَﻣِﻦْ ﺫُﺭِّﻳَّﺘِﻨَﺎ ﺃُﻣَّﺔً ﻣُﺴْﻠِﻤَﺔً ﻟَﻚَ
ﻭَﺃَﺭِﻧَﺎ ﻣَﻨَﺎﺳِﻜَﻨَﺎ ﻭَﺗُﺐْ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧْﺖَ ﺍﻟﺘَّﻮَّﺍﺏُ
ﺍﻟﺮَّﺣِﻴﻢُ * ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﺍﺑْﻌَﺚْ ﻓِﻴﻬِﻢْ ﺭَﺳُﻮﻟًﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢْ
ﻳَﺘْﻠُﻮ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺁﻳَﺎﺗِﻚَ ﻭَﻳُﻌَﻠِّﻤُﻬُﻢُ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏَ
ﻭَﺍﻟْﺤِﻜْﻤَﺔَ ﻭَﻳُﺰَﻛِّﻴﻬِﻢْ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧْﺖَ ﺍﻟْﻌَﺰِﻳﺰُ
ﺍﻟْﺤَﻜِﻴﻢُ {
ﺃﻱ: ﻭﺍﺫﻛﺮ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ , ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﺭﻓﻌﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻷﺳﺎﺱ ,
ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ،
ﻭﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ,
ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﻤﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺩﻋﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ
ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ , ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺍﻟﻌﻤﻴﻢ .
ﻭﺩﻋﻮﺍ ﻷﻧﻔﺴﻬﻤﺎ , ﻭﺫﺭﻳﺘﻬﻤﺎ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ , ﺍﻟﺬﻱ
ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ , ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﻘﻠﺐ , ﻭﺍﻧﻘﻴﺎﺩﻩ ﻟﺮﺑﻪ
ﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻦ ﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ. } ﻭَﺃَﺭِﻧَﺎ
ﻣَﻨَﺎﺳِﻜَﻨَﺎ { ﺃﻱ: ﻋﻠﻤﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﺭﺍﺀﺓ
ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ , ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺑﻠﻎ. ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﻚ : ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﺞ ﻛﻠﻬﺎ , ﻛﻤﺎ
ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻭﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ , ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻛﻠﻬﺎ , ﻛﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ
ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﻠﻔﻆ , ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺴﻚ : ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ , ﻭﻟﻜﻦ
ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻌﺒﺪﺍﺕ ﺍﻟﺤﺞ , ﺗﻐﻠﻴﺒﺎ ﻋﺮﻓﻴﺎ،
ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺣﺎﺻﻞ ﺩﻋﺎﺋﻬﻤﺎ , ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ , ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﻭﻟﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ - ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ - ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﻳﻪ
ﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺮ , ﻭﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻗﺎﻻ: } ﻭَﺗُﺐْ
ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧْﺖَ ﺍﻟﺘَّﻮَّﺍﺏُ ﺍﻟﺮَّﺣِﻴﻢُ {
} ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﺍﺑْﻌَﺚْ ﻓِﻴﻬِﻢْ { ﺃﻱ : ﻓﻲ ﺫﺭﻳﺘﻨﺎ
} ﺭَﺳُﻮﻟًﺎ ﻣِﻨْﻬُﻢْ { ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺭﻓﻊ ﻟﺪﺭﺟﺘﻬﻤﺎ ,
ﻭﻟﻴﻨﻘﺎﺩﻭﺍ ﻟﻪ , ﻭﻟﻴﻌﺮﻓﻮﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ.
} ﻳَﺘْﻠُﻮ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺁﻳَﺎﺗِﻚَ { ﻟﻔﻈﺎ , ﻭﺣﻔﻈﺎ ,
ﻭﺗﺤﻔﻴﻈﺎ } ﻭَﻳُﻌَﻠِّﻤُﻬُﻢُ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏَ ﻭَﺍﻟْﺤِﻜْﻤَﺔَ {
ﻣﻌﻨﻰ .
} ﻭَﻳُﺰَﻛِّﻴﻬِﻢْ { ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺒﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮﺩﻳﺔ , ﺍﻟﺘﻲ
ﻻ ﺗﺰﻛﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﻌﻬﺎ. } ﺇِﻧَّﻚَ ﺃَﻧْﺖَ
ﺍﻟْﻌَﺰِﻳﺰُ { ﺃﻱ: ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ , ﺍﻟﺬﻱ ﻻ
ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺗﻪ ﺷﻲﺀ. } ﺍﻟْﺤَﻜِﻴﻢُ { ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻀﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻮﺍﺿﻌﻬﺎ، ﻓﺒﻌﺰﺗﻚ ﻭﺣﻜﻤﺘﻚ ,
ﺍﺑﻌﺚ ﻓﻴﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ . ﻓﺎﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﻬﻤﺎ , ﻓﺒﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ , ﺍﻟﺬﻱ
ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺫﺭﻳﺘﻬﻤﺎ ﺧﺎﺻﺔ , ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺨﻠﻖ
ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : "
ﺃﻧﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﺃﺑﻲ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ "
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ,
ﻭﺃﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
} 130 - 134 { } ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﺮْﻏَﺐُ ﻋَﻦْ ﻣِﻠَّﺔِ
ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﻦْ ﺳَﻔِﻪَ ﻧَﻔْﺴَﻪُ ﻭَﻟَﻘَﺪِ ﺍﺻْﻄَﻔَﻴْﻨَﺎﻩُ
ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺇِﻧَّﻪُ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻟَﻤِﻦَ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤِﻴﻦَ
* ﺇِﺫْ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻪُ ﺭَﺑُّﻪُ ﺃَﺳْﻠِﻢْ ﻗَﺎﻝَ ﺃَﺳْﻠَﻤْﺖُ ﻟِﺮَﺏِّ
ﺍﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﻴﻦَ * ﻭَﻭَﺻَّﻰ ﺑِﻬَﺎ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢُ ﺑَﻨِﻴﻪِ
ﻭَﻳَﻌْﻘُﻮﺏُ ﻳَﺎ ﺑَﻨِﻲَّ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﺻْﻄَﻔَﻰ ﻟَﻜُﻢُ
ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ ﻓَﻠَﺎ ﺗَﻤُﻮﺗُﻦَّ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ * ﺃَﻡْ
ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺷُﻬَﺪَﺍﺀَ ﺇِﺫْ ﺣَﻀَﺮَ ﻳَﻌْﻘُﻮﺏَ ﺍﻟْﻤَﻮْﺕُ ﺇِﺫْ
ﻗَﺎﻝَ ﻟِﺒَﻨِﻴﻪِ ﻣَﺎ ﺗَﻌْﺒُﺪُﻭﻥَ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِﻱ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻧَﻌْﺒُﺪُ
ﺇِﻟَﻬَﻚَ ﻭَﺇِﻟَﻪَ ﺁﺑَﺎﺋِﻚَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﻭَﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ
ﻭَﺇِﺳْﺤَﺎﻕَ ﺇِﻟَﻬًﺎ ﻭَﺍﺣِﺪًﺍ ﻭَﻧَﺤْﻦُ ﻟَﻪُ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ *
ﺗِﻠْﻚَ ﺃُﻣَّﺔٌ ﻗَﺪْ ﺧَﻠَﺖْ ﻟَﻬَﺎ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺖْ ﻭَﻟَﻜُﻢْ ﻣَﺎ
ﻛَﺴَﺒْﺘُﻢْ ﻭَﻟَﺎ ﺗُﺴْﺄَﻟُﻮﻥَ ﻋَﻤَّﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ {
ﺃﻱ: ﻣﺎ ﻳﺮﻏﺐ } ﻋَﻦْ ﻣِﻠَّﺔِ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ { ﺑﻌﺪ ﻣﺎ
ﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ } ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﻦْ ﺳَﻔِﻪَ ﻧَﻔْﺴَﻪُ { ﺃﻱ:
ﺟﻬﻠﻬﺎ ﻭﺍﻣﺘﻬﻨﻬﺎ , ﻭﺭﺿﻲ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻭﻥ , ﻭﺑﺎﻋﻬﺎ
ﺑﺼﻔﻘﺔ ﺍﻟﻤﻐﺒﻮﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺃﺭﺷﺪ ﻭﺃﻛﻤﻞ ,
ﻣﻤﻦ ﺭﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﻠﺔ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ، ﺛﻢ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻦ
ﺣﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﻘﺎﻝ: } ﻭَﻟَﻘَﺪِ
ﺍﺻْﻄَﻔَﻴْﻨَﺎﻩُ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ { ﺃﻱ : ﺍﺧﺘﺮﻧﺎﻩ
ﻭﻭﻓﻘﻨﺎﻩ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ , ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺎﺭ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻴﻦ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ.
} ﻭَﺇِﻧَّﻪُ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻟَﻤِﻦَ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤِﻴﻦَ { ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻟﻬﻢ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ.
} ﺇِﺫْ ﻗَﺎﻝَ ﻟَﻪُ ﺭَﺑُّﻪُ ﺃَﺳْﻠِﻢْ ﻗَﺎﻝَ { ﺍﻣﺘﺜﺎﻻ ﻟﺮﺑﻪ
} ﺃَﺳْﻠَﻤْﺖُ ﻟِﺮَﺏِّ ﺍﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﻴﻦَ { ﺇﺧﻼﺻﺎ
ﻭﺗﻮﺣﻴﺪﺍ , ﻭﻣﺤﺒﺔ , ﻭﺇﻧﺎﺑﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
ﻟﻠﻪ ﻧﻌﺘﻪ .
ﺛﻢ ﻭﺭﺛﻪ ﻓﻲ ﺫﺭﻳﺘﻪ , ﻭﻭﺻﺎﻫﻢ ﺑﻪ , ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ
ﻛﻠﻤﺔ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﺒﻪ , ﻭﺗﻮﺍﺭﺛﺖ ﻓﻴﻬﻢ ,
ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﻟﻴﻌﻘﻮﺏ ﻓﻮﺻﻰ ﺑﻬﺎ ﺑﻨﻴﻪ .
ﻓﺄﻧﺘﻢ - ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﻳﻌﻘﻮﺏ - ﻗﺪ ﻭﺻﺎﻛﻢ ﺃﺑﻮﻛﻢ
ﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺹ , ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ,
ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻗﺎﻝ: } ﻳَﺎ ﺑَﻨِﻲَّ ﺇِﻥَّ
ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﺻْﻄَﻔَﻰ ﻟَﻜُﻢُ ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ { ﺃﻱ: ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ
ﻭﺗﺨﻴﺮﻩ ﻟﻜﻢ , ﺭﺣﻤﺔ ﺑﻜﻢ , ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﺎ ﺇﻟﻴﻜﻢ ,
ﻓﻘﻮﻣﻮﺍ ﺑﻪ , ﻭﺍﺗﺼﻔﻮﺍ ﺑﺸﺮﺍﺋﻌﻪ , ﻭﺍﻧﺼﺒﻐﻮﺍ
ﺑﺄﺧﻼﻗﻪ , ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻤﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ
ﻳﺄﺗﻴﻜﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺇﻻ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻋﻠﻴﻪ , ﻷﻥ ﻣﻦ
ﻋﺎﺵ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ , ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻣﻦ ﻣﺎﺕ
ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ , ﺑﻌﺚ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺔ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ , ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻳﻌﻘﻮﺏ , ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻋﻠﻴﻬﻢ : } ﺃَﻡْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺷُﻬَﺪَﺍﺀَ { ﺃﻱ:
ﺣﻀﻮﺭﺍ } ﺇِﺫْ ﺣَﻀَﺮَ ﻳَﻌْﻘُﻮﺏَ ﺍﻟْﻤَﻮْﺕُ { ﺃﻱ :
ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ ﻭﺃﺳﺒﺎﺑﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﺒﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ
ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭ , ﻭﻟﺘﻘﺮ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎﻟﻬﻢ
ﻣﺎ ﻭﺻﺎﻫﻢ ﺑﻪ: } ﻣَﺎ ﺗَﻌْﺒُﺪُﻭﻥَ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِﻱ { ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﻮﻩ ﺑﻤﺎ ﻗﺮﺕ ﺑﻪ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: } ﻧَﻌْﺒُﺪُ
ﺇِﻟَﻬَﻚَ ﻭَﺇِﻟَﻪَ ﺁﺑَﺎﺋِﻚَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﻭَﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ
ﻭَﺇِﺳْﺤَﺎﻕَ ﺇِﻟَﻬًﺎ ﻭَﺍﺣِﺪًﺍ { ﻓﻼ ﻧﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ ,
ﻭﻻ ﻧﻌﺪﻝ ﺑﻪ ﺃﺣﺪﺍ، } ﻭَﻧَﺤْﻦُ ﻟَﻪُ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ {
ﻓﺠﻤﻌﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮﻭﺍ ﻳﻌﻘﻮﺏ ,
ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪﻭﺍ ﺑﻌﺪ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮﻭﺍ ,
ﻓﻘﺪ ﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻭﺻﻰ ﺑﻨﻴﻪ
ﺑﺎﻟﺤﻨﻴﻔﻴﺔ , ﻻ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ.
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺗِﻠْﻚَ ﺃُﻣَّﺔٌ ﻗَﺪْ ﺧَﻠَﺖْ { ﺃﻱ :
ﻣﻀﺖ } ﻟَﻬَﺎ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺖْ ﻭَﻟَﻜُﻢْ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒْﺘُﻢْ {
ﺃﻱ: ﻛﻞ ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻪ , ﻭﻛﻞ ﺳﻴﺠﺎﺯﻯ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ,
ﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﺃﺣﺪ ﺑﺬﻧﺐ ﺃﺣﺪ ﻭﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﺃﺣﺪﺍ ﺇﻻ
ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻘﻮﺍﻩ ﻓﺎﺷﺘﻐﺎﻟﻜﻢ ﺑﻬﻢ ﻭﺍﺩﻋﺎﺅﻛﻢ ,
ﺃﻧﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺘﻬﻢ , ﻭﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﻘﻮﻝ ,
ﺃﻣﺮ ﻓﺎﺭﻍ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻴﻜﻢ ,
ﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮﻭﺍ ﺣﺎﻟﺘﻜﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺘﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻫﻞ
ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻠﻨﺠﺎﺓ ﺃﻡ ﻻ؟
} 135 { } ﻭَﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻛُﻮﻧُﻮﺍ ﻫُﻮﺩًﺍ ﺃَﻭْ ﻧَﺼَﺎﺭَﻯ
ﺗَﻬْﺘَﺪُﻭﺍ ﻗُﻞْ ﺑَﻞْ ﻣِﻠَّﺔَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﺣَﻨِﻴﻔًﺎ ﻭَﻣَﺎ ﻛَﺎﻥَ
ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ {
ﺃﻱ: ﺩﻋﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢ , ﺯﺍﻋﻤﻴﻦ
ﺃﻧﻬﻢ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﻬﺘﺪﻭﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺿﺎﻝ.
ﻗﻞ ﻟﻪ ﻣﺠﻴﺒﺎ ﺟﻮﺍﺑﺎ ﺷﺎﻓﻴﺎ: } ﺑَﻞْ { ﻧﺘﺒﻊ
} ﻣِﻠَّﺔَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﺣَﻨِﻴﻔًﺎ { ﺃﻱ : ﻣﻘﺒﻼ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ , ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ , ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ,
ﺗﺎﺭﻛﺎ ﻟﻠﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ.
ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ , ﻭﻓﻲ
ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻦ ﻣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ.
} 136 { } ﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﺁﻣَﻨَّﺎ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ
ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻰ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﻭَﺇِﺳْﻤَﺎﻋِﻴﻞَ ﻭَﺇِﺳْﺤَﺎﻕَ
ﻭَﻳَﻌْﻘُﻮﺏَ ﻭَﺍﻟْﺄَﺳْﺒَﺎﻁِ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻭﺗِﻲَ ﻣُﻮﺳَﻰ
ﻭَﻋِﻴﺴَﻰ ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻭﺗِﻲَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻴُّﻮﻥَ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﻟَﺎ
ﻧُﻔَﺮِّﻕُ ﺑَﻴْﻦَ ﺃَﺣَﺪٍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﻧَﺤْﻦُ ﻟَﻪُ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ {
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ , ﻗﺪ ﺍﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ
ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ.
ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻘﻠﺐ
ﺍﻟﺘﺎﻡ , ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺻﻮﻝ , ﻭﺇﻗﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻦ
ﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ، ﻭﻫﻮ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ , ﻭﺗﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻛﻠﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ,
ﻭﺃﺛﺮ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭﻩ، ﻓﺤﻴﺚ ﺃﻃﻠﻖ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ , ﺩﺧﻞ
ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻹﺳﻼﻡ , ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻖ
ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ , ﻛﺎﻥ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﺳﻤﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ
ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ , ﺍﺳﻤﺎ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} ﻗُﻮﻟُﻮﺍ { ﺃﻱ: ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻜﻢ , ﻣﺘﻮﺍﻃﺌﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺎﻡ , ﺍﻟﻤﺘﺮﺗﺐ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺠﺰﺍﺀ، ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻄﻖ
ﺑﺎﻟﻠﺴﺎﻥ , ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﻘﻠﺐ , ﻧﻔﺎﻕ ﻭﻛﻔﺮ،
ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ,
ﻋﺪﻳﻢ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ , ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ
ﻳﺆﺟﺮ ﻋﻠﻴﻪ , ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍ ﻭﻣﻌﻪ ﺃﺻﻞ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻟﻜﻦ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩ ,
ﻭﺍﻟﻤﻘﺘﺮﻥ ﺑﻪ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ .
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻗُﻮﻟُﻮﺍ { ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻋﻼﻥ
ﺑﺎﻟﻌﻘﻴﺪﺓ , ﻭﺍﻟﺼﺪﻉ ﺑﻬﺎ , ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻬﺎ , ﺇﺫ ﻫﻲ
ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﺳﺎﺳﻪ .
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﺁﻣَﻨَّﺎ { ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺻﺪﻭﺭ
ﺍﻟﻔﻌﻞ , ﻣﻨﺴﻮﺑﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻣﺔ , ﺇﺷﺎﺭﺓ
ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ , ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺑﺤﺒﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎ , ﻭﺍﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺋﺘﻼﻑ ﺣﺘﻰ
ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﻋﻴﻬﻢ ﻭﺍﺣﺪﺍ , ﻭﻋﻤﻠﻬﻢ ﻣﺘﺤﺪﺍ ,
ﻭﻓﻲ ﺿﻤﻨﻪ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ، ﻭﻓﻴﻪ: ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻛﺎﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ.
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﺁﻣَﻨَّﺎ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ { ﺇﻟﺦ ﺩﻻﻟﺔ
ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ , ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ , ﺑﻞ ﻋﻠﻰ
ﻭﺟﻮﺏ ﺫﻟﻚ، ﺑﺨﻼﻑ ﻗﻮﻟﻪ : " ﺃﻧﺎ ﻣﺆﻣﻦ "
ﻭﻧﺤﻮﻩ , ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻻ ﻣﻘﺮﻭﻧﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ
ﺑﺎﻟﻤﺸﻴﺌﺔ , ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ,
ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ.
ﻓﻘﻮﻟﻪ : } ﺁﻣَﻨَّﺎ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ { ﺃﻱ : ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ,
ﻭﺍﺣﺪ ﺃﺣﺪ , ﻣﺘﺼﻒ ﺑﻜﻞ ﺻﻔﺔ ﻛﻤﺎﻝ , ﻣﻨﺰﻩ
ﻋﻦ ﻛﻞ ﻧﻘﺺ ﻭﻋﻴﺐ , ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻹﻓﺮﺍﺩﻩ
ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻛﻠﻬﺎ , ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻹﺷﺮﺍﻙ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ
ﻣﻨﻬﺎ , ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ.
} ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ { ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ
ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻭَﺃَﻧْﺰَﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻚَ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏَ
ﻭَﺍﻟْﺤِﻜْﻤَﺔَ { ﻓﻴﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ
ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ , ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ
ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ , ﻭﺻﻔﺎﺕ ﺭﺳﻠﻪ , ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ ,
ﻭﺍﻟﻐﻴﻮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﺔ , ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﺑﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
ﺍﻷﻣﺮﻳﺔ , ﻭﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ .
} ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻰ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ { ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻵﻳﺔ،
ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻋﻠﻰ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻤﻮﻣﺎ
ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ , ﻣﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ,
ﻟﺸﺮﻓﻬﻢ ﻭﻹﺗﻴﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ.
ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ , ﺃﻥ
ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﺸﻤﻮﻝ، ﺛﻢ
ﻣﺎ ﻋﺮﻑ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ , ﻭﺟﺐ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻪ
ﻣﻔﺼﻼ.
ﻭﻗﻮﻟﻪ : } ﻟَﺎ ﻧُﻔَﺮِّﻕُ ﺑَﻴْﻦَ ﺃَﺣَﺪٍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ { ﺃﻱ : ﺑﻞ
ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ، ﻫﺬﻩ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ,
ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﻔﺮﺩﻭﺍ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻲ ﺃﻧﻪ
ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ.
ﻓﺎﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﺼﺎﺑﺌﻮﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ -
ﻭﺇﻥ ﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻤﺎ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ - ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻜﻔﺮﻭﻥ ﺑﻐﻴﺮﻩ،
ﻓﻴﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ , ﺑﻌﻀﻬﺎ
ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﻜﻔﺮﻭﻥ ﺑﻪ، ﻭﻳﻨﻘﺾ
ﺗﻜﺬﻳﺒﻬﻢ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ
ﺯﻋﻤﻮﺍ , ﺃﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﻪ , ﻗﺪ ﺻﺪﻕ ﺳﺎﺋﺮ
ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻣﺤﻤﺪﺍ , ﻓﻘﺪ ﻛﺬﺑﻮﺍ
ﺭﺳﻮﻟﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺑﻪ , ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻛﻔﺮﺍ
ﺑﺮﺳﻮﻟﻬﻢ.
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻭﺗِﻲَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻴُّﻮﻥَ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ {
ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻋﻄﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ , ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻄﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ
ﻭﺍﻷﺧﺮﻭﻳﺔ . ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻤﺎ ﺃﻭﺗﻲ
ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ
ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻤﺎ ﺃﻋﻄﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ.
ﻭﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﺒﻠﻐﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ,
ﻭﻭﺳﺎﺋﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﻓﻲ ﺗﺒﻠﻴﻎ
ﺩﻳﻨﻪ , ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺷﻲﺀ.
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : } ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ { ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ
ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ , ﺃﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ
ﺍﻟﻜﺘﺐ , ﻭﻳﺮﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ , ﻓﻼ ﺗﻘﺘﻀﻲ
ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ , ﺗﺮﻛﻬﻢ ﺳﺪﻯ ﻭﻻ ﻫﻤﻼ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﻭﺗﻲ ﺍﻟﻨﺒﻴﻮﻥ , ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ
ﺭﺑﻬﻢ , ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ
ﻳﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ , ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻢ
ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻟﺮﺳﻞ ﻻ
ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﻟﺨﻴﺮ , ﻭﻻ ﻳﻨﻬﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻦ
ﻛﻞ ﺷﺮ، ﻭﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ , ﻳﺼﺪﻕ ﺍﻵﺧﺮ ,
ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺤﻖ , ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﻭﻻ
ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ } ﻭَﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻣِﻦْ
ﻋِﻨْﺪِ ﻏَﻴْﺮِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟَﻮَﺟَﺪُﻭﺍ ﻓِﻴﻪِ ﺍﺧْﺘِﻠَﺎﻓًﺎ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ {
ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺨﻼﻑ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://plus.google.com/app/basic/111256749054740632836
ابوهزاع الدقنسابي
المدير العام
المدير العام
ابوهزاع الدقنسابي


عدد المساهمات : 890
نقاط : 5127
مرسئ : 0
تاريخ التسجيل : 26/08/2013
الموقع : شبكة منتديات القريه عشرين
العمل/الترفيه : المدير العام

تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة من الايه 126_150   تفسير سورة البقرة من الايه 126_150 Emptyالجمعة أبريل 11, 2014 12:00 pm

نواصل
______ وإذا كان ما أوتي النبيون, إنما هو من ربهم, ففيه الفرق بين الأنبياء وبين من يدعي النبوة, وأنه يحصل الفرق بينهم بمجرد معرفة ما يدعون إليه، فالرسل لا يدعون إلا إلى لخير, ولا ينهون إلا عن كل شر، وكل واحد منهم, يصدق الآخر, ويشهد له بالحق, من غير تخالف ولا تناقض لكونه من عند ربهم { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }

وهذا بخلاف من ادعى النبوة, فلا بد أن يتناقضوا في أخبارهم وأوامرهم ونواهيهم, كما يعلم ذلك من سبر أحوال الجميع, وعرف ما يدعون إليه.

فلما بيَّن تعالى جميع ما يؤمن به, عموما وخصوصا, وكان القول لا يغني عن العمل قال: { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } أي: خاضعون لعظمته, منقادون لعبادته, بباطننا وظاهرنا, مخلصون له العبادة بدليل تقديم المعمول, وهو { لَهُ } على العامل وهو { مُسْلِمُونَ }

فقد اشتملت هذه الآية الكريمة - على إيجازها واختصارها - على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية, وتوحيد الألوهية, وتوحيد الأسماء والصفات، واشتملت على الإيمان بجميع الرسل, وجميع الكتب، وعلى التخصيص الدال على الفضل بعد التعميم، وعلى التصديق بالقلب واللسان والجوارح والإخلاص لله في ذلك، وعلى الفرق بين الرسل الصادقين, ومن ادعى النبوة من الكاذبين، وعلى تعليم الباري عباده, كيف يقولون, ورحمته وإحسانه عليهم بالنعم الدينية المتصلة بسعادة الدنيا والآخرة، فسبحان من جعل كتابه تبيانا لكل شيء, وهدى ورحمة لقوم يؤمنون.


{ 137 } { فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }

أي: فإن آمن أهل الكتاب { بمثل ما آمنتم به } - يا معشر المؤمنين - من جميع الرسل, وجميع الكتب, الذين أول من دخل فيهم, وأولى خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن, وأسلموا لله وحده, ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله { فَقَدِ اهْتَدَوْا } للصراط المستقيم, الموصل لجنات النعيم، أي: فلا سبيل لهم إلى الهداية, إلا بهذا الإيمان، لا كما زعموا بقولهم: " كونوا هودا أو نصارى تهتدوا " فزعموا أن الهداية خاصة بما كانوا عليه، و " الهدى " هو العلم بالحق, والعمل به, وضده الضلال عن العلم والضلال عن العمل بعد العلم, وهو الشقاق الذي كانوا عليه, لما تولوا وأعرضوا، فالمشاق: هو الذي يكون في شق والله ورسوله في شق، ويلزم من المشاقة المحادة, والعداوة البليغة, التي من لوازمها, بذل ما يقدرون عليه من أذية الرسول، فلهذا وعد الله رسوله, أن يكفيه إياهم, لأنه السميع لجميع الأصوات, باختلاف اللغات, على تفنن الحاجات, العليم بما بين أيديهم وما خلفهم, بالغيب والشهادة, بالظواهر والبواطن، فإذا كان كذلك, كفاك الله شرهم.

وقد أنجز الله لرسوله وعده, وسلطه عليهم حتى قتل بعضهم, وسبى بعضهم, وأجلى بعضهم, وشردهم كل مشرد.

ففيه معجزة من معجزات القرآن, وهو الإخبار بالشيء قبل وقوعه, فوقع طبق ما أخبر.


{ 138 } { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ }

أي: الزموا صبغة الله, وهو دينه, وقوموا به قياما تاما, بجميع أعماله الظاهرة والباطنة, وجميع عقائده في جميع الأوقات, حتى يكون لكم صبغة, وصفة من صفاتكم، فإذا كان صفة من صفاتكم, أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره, طوعا واختيارا ومحبة, وصار الدين طبيعة لكم بمنزلة الصبغ التام للثوب الذي صار له صفة, فحصلت لكم السعادة الدنيوية والأخروية, لحث الدين على مكارم الأخلاق, ومحاسن الأعمال, ومعالي الأمور، فلهذا قال - على سبيل التعجب المتقرر للعقول الزكية-: { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } أي: لا أحسن صبغة من صبغته

وإذا أردت أن تعرف نموذجا يبين لك الفرق بين صبغة الله وبين غيرها من الصبغ, فقس الشيء بضده، فكيف ترى في عبد آمن بربه إيمانا صحيحا, أثر معه خضوع القلب وانقياد الجوارح، فلم يزل يتحلى بكل وصف حسن, وفعل جميل, وخلق كامل, ونعت جليل، ويتخلى من كل وصف قبيح, ورذيلة وعيب، فوصفه: الصدق في قوله وفعله, والصبر والحلم, والعفة, والشجاعة, والإحسان القولي والفعلي, ومحبة الله وخشيته, وخوفه, ورجاؤه، فحاله الإخلاص للمعبود, والإحسان لعبيده، فقسه بعبد كفر بربه, وشرد عنه, وأقبل على غيره من المخلوقين فاتصف بالصفات القبيحة, من الكفر, والشرك والكذب, والخيانة, والمكر, والخداع, وعدم العفة, والإساءة إلى الخلق, في أقواله, وأفعاله، فلا إخلاص للمعبود, ولا إحسان إلى عبيده.

فإنه يظهر لك الفرق العظيم بينهما, ويتبين لك أنه لا أحسن صبغة من صبغة الله, وفي ضمنه أنه لا أقبح صبغة ممن انصبغ بغير دينه.

وفي قوله: { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } بيان لهذه الصبغة, وهي القيام بهذين الأصلين: الإخلاص والمتابعة, لأن " العبادة " اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة، ولا تكون كذلك, حتى يشرعها الله على لسان رسوله، والإخلاص: أن يقصد العبد وجه الله وحده, في تلك الأعمال، فتقديم المعمول, يؤذن بالحصر.

وقال: { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } فوصفهم باسم الفاعل الدال على الثبوت والاستقرار, ليدل على اتصافهم بذلك وكونه صار صبغة لهم ملازما.


{ 139 } { قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ }

المحاجة هي: المجادلة بين اثنين فأكثر, تتعلق بالمسائل الخلافية, حتى يكون كل من الخصمين يريد نصرة قوله, وإبطال قول خصمه، فكل واحد منهما, يجتهد في إقامة الحجة على ذلك، والمطلوب منها, أن تكون بالتي هي أحسن, بأقرب طريق يرد الضال إلى الحق, ويقيم الحجة على المعاند, ويوضح الحق, ويبين الباطل، فإن خرجت عن هذه الأمور, كانت مماراة, ومخاصمة لا خير فيها,

وأحدثت من الشر ما أحدثت، فكان أهل الكتاب, يزعمون أنهم أولى بالله من المسلمين, وهذا مجرد دعوى, تفتقر إلى برهان ودليل. فإذا كان رب الجميع واحدا, ليس ربا لكم دوننا, وكل منا ومنكم له عمله, فاستوينا نحن وإياكم بذلك. فهذا لا يوجب أن يكون أحد الفريقين أولى بالله من غيره؛ لأن التفريق مع الاشتراك في الشيء, من غير فرق مؤثر, دعوى باطلة, وتفريق بين متماثلين, ومكابرة ظاهرة. وإنما يحصل التفضيل, بإخلاص الأعمال الصالحة لله وحده، وهذه الحالة, وصف المؤمنين وحدهم, فتعين أنهم أولى بالله من غيرهم؛ لأن الإخلاص, هو الطريق إلى الخلاص، فهذا هو الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, بالأوصاف الحقيقية التي يسلمها أهل العقول, ولا ينازع فيها إلا كل مكابر جهول، ففي هذه الآية, إرشاد لطيف لطريق المحاجة, وأن الأمور مبنية على الجمع بين المتماثلين, والفرق بين المختلفين.


{ 140 } { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

وهذه دعوى أخرى منهم, ومحاجة في رسل الله, زعموا أنهم أولى بهؤلاء الرسل المذكورين من المسلمين.

فرد الله عليهم بقوله: { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ } فالله يقول: { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وهم يقولون: بل كان يهوديا أو نصرانيا.

فإما أن يكونوا, هم الصادقين العالمين, أو يكون الله تعالى هو الصادق العالم بذلك, فأحد الأمرين متعين لا محالة، وصورة الجواب مبهم, وهو في غاية الوضوح والبيان، حتى إنه - من وضوحه - لم يحتج أن يقول بل الله أعلم وهو أصدق, ونحو ذلك, لانجلائه لكل أحد، كما إذا قيل: الليل أنور, أم النهار؟ والنار أحر أم الماء؟ والشرك أحسن أم التوحيد؟ ونحو ذلك.

وهذا يعرفه كل من له أدنى عقل حتى إنهم بأنفسهم يعرفون ذلك, ويعرفون أن إبراهيم وغيره من الأنبياء, لم يكونوا هودا ولا نصارى, فكتموا هذا العلم وهذه الشهادة, فلهذا كان ظلمهم أعظم الظلم. ولهذا قال تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ } فهي شهادة عندهم, مودعة من الله, لا من الخلق, فيقتضي الاهتمام بإقامتها, فكتموها, وأظهروا ضدها، جمعوا بين كتم الحق, وعدم النطق به, وإظهار الباطل, والدعوة إليه، أليس هذا أعظم الظلم؟ بلى والله, وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة، فلهذا قال: { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل قد أحصى أعمالهم, وعدها وادخر لهم جزاءها, فبئس الجزاء جزاؤهم, وبئست النار, مثوى للظالمين، وهذه طريقة القرآن في ذكر العلم والقدرة, عقب الآيات المتضمنة للأعمال التي يجازى عليها.

فيفيد ذلك الوعد والوعيد, والترغيب والترهيب، ويفيد أيضا ذكر الأسماء الحسنى بعد الأحكام, أن الأمر الديني والجزائي, أثر من آثارها, وموجب من موجباتها, وهي مقتضية له.


{ 141 } ثم قال تعالى: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

تقدم تفسيرها, وكررها, لقطع التعلق بالمخلوقين, وأن المعول عليه ما اتصف به الإنسان, لا عمل أسلافه وآبائه، فالنفع الحقيقي بالأعمال, لا بالانتساب المجرد للرجال.

تفسير الجزء الثاني

{ 142 - 143 } { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }

قد اشتملت الآية الأولى على معجزة, وتسلية, وتطمين قلوب المؤمنين, واعتراض وجوابه, من ثلاثة أوجه, وصفة المعترض, وصفة المسلم لحكم الله دينه.

فأخبر تعالى أنه سيعترض السفهاء من الناس, وهم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم, بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن, وهم اليهود والنصارى, ومن أشبههم من المعترضين على أحكام الله وشرائعه، وذلك أن المسلمين كانوا مأمورين باستقبال بيت المقدس, مدة مقامهم بمكة، ثم بعد الهجرة إلى المدينة, نحو سنة ونصف - لما لله تعالى في ذلك من الحكم التي سيشير إلى بعضها, وكانت حكمته تقتضي أمرهم باستقبال الكعبة، فأخبرهم أنه لا بد أن يقول السفهاء من الناس: { مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } وهي استقبال بيت المقدس، أي: أيُّ شيء صرفهم عنه؟ وفي ذلك الاعتراض على حكم الله وشرعه, وفضله وإحسانه، فسلاهم, وأخبر بوقوعه, وأنه إنما يقع ممن اتصف بالسفه, قليل العقل, والحلم, والديانة، فلا تبالوا بهم, إذ قد علم مصدر هذا الكلام، فالعاقل لا يبالي باعتراض السفيه, ولا يلقي له ذهنه. ودلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله, إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل, فيتلقى أحكام ربه بالقبول, والانقياد, والتسليم كما قال تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } الآية، { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } وقد كان في قوله { السفهاء } ما يغني عن رد قولهم, وعدم المبالاة به.

ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة, حتى أزالها وكشفها مما سيعرض لبعض القلوب من الاعتراض, فقال تعالى: { قُلْ } لهم مجيبا: { لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي: فإذا كان المشرق والمغرب ملكا لله, ليس جهة من الجهات خارجة عن ملكه, ومع هذا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم, ومنه هدايتكم إلى هذه القبلة التي هي من ملة أبيكم إبراهيم، فلأي شيء يعترض المعترض بتوليتكم قبلة داخلة تحت ملك الله, لم تستقبلوا جهة ليست ملكا له؟ فهذا يوجب التسليم لأمره, بمجرد ذلك، فكيف وهو من فضل الله عليكم, وهدايته وإحسانه, أن هداكم لذلك فالمعترض عليكم, معترض على فضل الله, حسدا لكم وبغيا.

ولما كان قوله: { يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } والمطلق يحمل على المقيد, فإن الهداية والضلال, لهما أسباب أوجبتها حكمة الله وعدله, وقد أخبر في غير موضع من كتابه بأسباب الهداية, التي إذا أتى بها العبد حصل له الهدى كما قال تعالى: { يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } ذكر في هذه الآية السبب الموجب لهداية هذه الأمة مطلقا بجميع أنواع الهداية, ومنة الله عليها فقال:

{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: عدلا خيارا، وما عدا الوسط, فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة, وسطا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء, بين من غلا فيهم, كالنصارى, وبين من جفاهم, كاليهود, بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك، ووسطا في الشريعة, لا تشديدات اليهود وآصارهم, ولا تهاون النصارى.

وفي باب الطهارة والمطاعم, لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم, ولا يطهرهم الماء من النجاسات, وقد حرمت عليهم الطيبات, عقوبة لهم، ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا, ولا يحرمون شيئا, بل أباحوا ما دب ودرج.

بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها، وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح, وحرم عليهم الخبائث من ذلك، فلهذه الأمة من الدين أكمله, ومن الأخلاق أجلها, ومن الأعمال أفضلها.

ووهبهم الله من العلم والحلم, والعدل والإحسان, ما لم يهبه لأمة سواهم، فلذلك كانوا { أُمَّةً وَسَطًا } [كاملين] ليكونوا { شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط, يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان, ولا يحكم عليهم غيرهم، فما شهدت له هذه الأمة بالقبول, فهو مقبول, وما شهدت له بالرد, فهو مردود. فإن قيل: كيف يقبل حكمهم على غيرهم, والحال أن كل مختصمين غير مقبول قول بعضهم على بعض؟ قيل: إنما لم يقبل قول أحد المتخاصمين, لوجود التهمة فأما إذا انتفت التهمة, وحصلت العدالة التامة, كما في هذه الأمة, فإنما المقصود, الحكم بالعدل والحق، وشرط ذلك, العلم والعدل, وهما موجودان في هذه الأمة, فقبل قولها.

فإن شك شاك في فضلها, وطلب مزكيا لها, فهو أكمل الخلق, نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلهذا قال تعالى: { وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }

ومن شهادة هذه الأمة على غيرهم, أنه إذا كان يوم القيامة, وسأل الله المرسلين عن تبليغهم, والأمم المكذبة عن ذلك, وأنكروا أن الأنبياء بلغتهم، استشهدت الأنبياء بهذه الأمة, وزكاها نبيها.

وفي الآية دليل على أن إجماع هذه الأمة, حجة قاطعة, وأنهم معصومون عن الخطأ, لإطلاق قوله: { وَسَطًا } فلو قدر اتفاقهم على الخطأ, لم يكونوا وسطا, إلا في بعض الأمور, ولقوله: { ولتكونوا شهداء على الناس } يقتضي أنهم إذا شهدوا على حكم أن الله أحله أو حرمه أو أوجبه، فإنها معصومة في ذلك. وفيها اشتراط العدالة في الحكم, والشهادة, والفتيا, ونحو ذلك.

يقول تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا } وهي استقبال بيت المقدس أولا { إِلَّا لِنَعْلَمَ } أي: علما يتعلق به الثواب والعقاب, وإلا فهو تعالى عالم بكل الأمور قبل وجودها.

ولكن هذا العلم, لا يعلق عليه ثوابا ولا عقابا, لتمام عدله, وإقامة الحجة على عباده، بل إذا وجدت أعمالهم, ترتب عليها الثواب والعقاب، أي: شرعنا تلك القبلة لنعلم ونمتحن { مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ } ويؤمن به, فيتبعه على كل حال, لأنه عبد مأمور مدبر، ولأنه قد أخبرت الكتب المتقدمة, أنه يستقبل الكعبة، فالمنصف الذي مقصوده الحق, مما يزيده ذلك إيمانا, وطاعة للرسول.

وأما من انقلب على عقبيه, وأعرض عن الحق, واتبع هواه, فإنه يزداد كفرا إلى كفره, وحيرة إلى حيرته, ويدلي بالحجة الباطلة, المبنية على شبهة لا حقيقة لها.

{ وَإِنْ كَانَتْ } أي: صرفك عنها { لَكَبِيرَةٌ } أي: شاقة { إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } فعرفوا بذلك نعمة الله عليهم, وشكروا, وأقروا له بالإحسان, حيث وجههم إلى هذا البيت العظيم, الذي فضله على سائر بقاع الأرض، وجعل قصده, ركنا من أركان الإسلام, وهادما للذنوب والآثام, فلهذا خف عليهم ذلك, وشق على من سواهم.

ثم قال تعالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } أي: ما ينبغي له ولا يليق به تعالى, بل هي من الممتنعات عليه، فأخبر أنه ممتنع عليه, ومستحيل, أن يضيع إيمانكم، وفي هذا بشارة عظيمة لمن مَنَّ الله عليهم بالإسلام والإيمان, بأن الله سيحفظ عليهم إيمانهم, فلا يضيعه, وحفظه نوعان:

حفظ عن الضياع والبطلان, بعصمته لهم عن كل مفسد ومزيل له ومنقص من المحن المقلقة, والأهواء الصادة، وحفظ له بتنميته لهم, وتوفيقهم لما يزداد به إيمانهم, ويتم به إيقانهم، فكما ابتدأكم, بأن هداكم للإيمان, فسيحفظه لكم, ويتم نعمته بتنميته وتنمية أجره, وثوابه, وحفظه من كل مكدر، بل إذا وجدت المحن المقصود منها, تبيين المؤمن الصادق من الكاذب، فإنها تمحص المؤمنين, وتظهر صدقهم، وكأن في هذا احترازا عما قد يقال إن قوله: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } قد يكون سببا لترك بعض المؤمنين إيمانهم, فدفع هذا الوهم بقوله: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } بتقديره لهذه المحنة أو غيرها.

ودخل في ذلك من مات من المؤمنين قبل تحويل الكعبة, فإن الله لا يضيع إيمانهم, لكونهم امتثلوا أمر الله وطاعة رسوله في وقتها، وطاعة الله, امتثال أمره في كل وقت, بحسب ذلك، وفي هذه الآية, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, أن الإيمان تدخل فيه أعمال الجوارح.

وقوله: { إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أي: شديد الرحمة بهم عظيمها، فمن رأفته ورحمته بهم, أن يتم عليهم نعمته التي ابتدأهم بها، وأن ميَّزَ عنهم من دخل في الإيمان بلسانه دون قلبه، وأن امتحنهم امتحانا, زاد به إيمانهم, وارتفعت به درجتهم، وأن وجههم إلى أشرف البيوت, وأجلها.


{ 144 } { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }

يقول الله لنبيه: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } أي: كثرة تردده في جميع جهاته, شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال الكعبة، وقال: { وَجْهِكَ } ولم يقل: " بصرك " لزيادة اهتمامه, ولأن تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر.

{ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } أي: نوجهك لولايتنا إياك، { قِبْلَةً تَرْضَاهَا } أي: تحبها, وهي الكعبة، وفي هذا بيان لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم, حيث إن الله تعالى يسارع في رضاه, ثم صرح له باستقبالها فقال: { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } والوجه: ما أقبل من بدن الإنسان، { وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ } أي: من بر وبحر, وشرق وغرب, جنوب وشمال. { فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } أي: جهته.

ففيها اشتراط استقبال الكعبة, للصلوات كلها, فرضها, ونفلها, وأنه إن أمكن استقبال عينها, وإلا فيكفي شطرها وجهتها، وأن الالتفات بالبدن, مبطل للصلاة, لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، ولما ذكر تعالى فيما تقدم, المعترضين على ذلك من أهل الكتاب وغيرهم، وذكر جوابهم, ذكر هنا, أن أهل الكتاب والعلم منهم, يعلمون أنك في ذلك على حق وأمر، لما يجدونه في كتبهم, فيعترضون عنادا وبغيا، فإذا كانوا يعلمون بخطئهم فلا تبالوا بذلك، فإن الإنسان إنما يغمه اعتراض من اعترض عليه, إذا كان الأمر مشتبها, وكان ممكنا أن يكون معه صواب.

فأما إذا تيقن أن الصواب والحق مع المعترض عليه, وأن المعترض معاند, عارف ببطلان قوله, فإنه لا محل للمبالاة, بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والأخروية, فلهذا قال تعالى: { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } بل يحفظ عليهم أعمالهم, ويجازيهم عليها، وفيها وعيد للمعترضين, وتسلية للمؤمنين.


{ 145 } { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ }

كان النبي صلى الله عليه وسلم من كمال حرصه على هداية الخلق يبذل لهم غاية ما يقدر عليه من النصيحة, ويتلطف بهدايتهم, ويحزن إذا لم ينقادوا لأمر الله، فكان من الكفار, من تمرد عن أمر الله, واستكبر على رسل الله, وترك الهدى, عمدا وعدوانا، فمنهم: اليهود والنصارى, أهل الكتاب الأول, الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم عن يقين, لا عن جهل، فلهذا أخبره الله تعالى أنك لو { أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ } أي: بكل برهان ودليل يوضح قولك ويبين ما تدعو إليه، { مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ } أي: ما تبعوك, لأن اتباع القبلة, دليل على اتباعه، ولأن السبب هو شأن القبلة، وإنما كان الأمر كذلك, لأنهم معاندون, عرفوا الحق وتركوه، فالآيات إنما تفيد وينتفع بها من يتطلب الحق, وهو مشتبه عليه, فتوضح له الآيات البينات، وأما من جزم بعدم اتباع الحق, فلا حيلة فيه.

وأيضا فإن اختلافهم فيما بينهم, حاصل, وبعضهم, غير تابع قبلة بعض، فليس بغريب منهم مع ذلك أن لا يتبعوا قبلتك يا محمد, وهم الأعداء حقيقة الحسدة، وقوله: { وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } أبلغ من قوله: " وَلَا تَتَّبِعْ " لأن ذلك يتضمن أنه صلى الله عليه وسلم اتصف بمخالفتهم, فلا يمكن وقوع ذلك منه، ولم يقل: " ولو أتوا بكل آية " لأنهم لا دليل لهم على قولهم.

وكذلك إذا تبين الحق بأدلته اليقينية, لم يلزم الإتيان بأجوبة الشبه الواردة عليه, لأنها لا حد لها, ولأنه يعلم بطلانها, للعلم بأن كل ما نافى الحق الواضح, فهو باطل, فيكون حل الشبه من باب التبرع.

{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ } إنما قال: " أهواءهم " ولم يقل " دينهم " لأن ما هم عليه مجرد أهوية نفس, حتى هم في قلوبهم يعلمون أنه ليس بدين، ومن ترك الدين, اتبع الهوى ولا محالة، قال تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ }

{ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } بأنك على الحق, وهم على الباطل، { إِنَّكَ إِذًا } أي: إن اتبعتهم, فهذا احتراز, لئلا تنفصل هذه الجملة عما قبلها, ولو في الأفهام، { لَمِنَ الظَّالِمِينَ } أي: داخل فيهم, ومندرج في جملتهم، وأي ظلم أعظم, من ظلم, من علم الحق والباطل, فآثر الباطل على الحق، وهذا, وإن كان الخطاب له صلى الله عليه وسلم, فإن أمته داخلة في ذلك، وأيضا, فإذا كان هو صلى الله عليه وسلم لو فعل ذلك -وحاشاه- صار ظالما مع علو مرتبته, وكثرة حسناته فغيره من باب أولى وأحرى.

{ 146 - 147 } ثم قال تعالى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }



يخبر تعالى: أن أهل الكتاب قد تقرر عندهم, وعرفوا أن محمدا رسول الله, وأن ما جاء به, حق وصدق, وتقينوا ذلك, كما تيقنوا أبناءهم بحيث لا يشتبهون عليهم بغيرهم، فمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم, وصلت إلى حد لا يشكون فيه ولا يمترون، ولكن فريقا منهم - وهم أكثرهم - الذين كفروا به, كتموا هذه الشهادة مع تيقنها, وهم يعلمون { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ } وفي ضمن ذلك, تسلية للرسول والمؤمنين, وتحذير له من شرهم وشبههم، وفريق منهم لم يكتموا الحق وهم يعلمون، فمنهم من آمن [به] ومنهم من كفر [به] جهلا، فالعالم عليه إظهار الحق, وتبيينه وتزيينه, بكل ما يقدر عليه من عبارة وبرهان ومثال, وغير ذلك, وإبطال الباطل وتمييزه عن الحق, وتشيينه, وتقبيحه للنفوس, بكل طريق مؤد لذلك، فهولاء الكاتمون, عكسوا الأمر, فانعكست أحوالهم.

{ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أي: هذا الحق الذي هو أحق أن يسمى حقا من كل شيء, لما اشتمل عليه من المطالب العالية, والأوامر الحسنة, وتزكية النفوس وحثها على تحصيل مصالحها, ودفع مفاسدها, لصدوره من ربك, الذي من جملة تربيته لك أن أنزل عليك هذا القرآن الذي فيه تربية العقول والنفوس, وجميع المصالح.

{ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } أي: فلا يحصل لك أدنى شك وريبة فيه، بل تفكَّر فيه وتأمل, حتى تصل بذلك إلى اليقين, لأن التفكر فيه لا محالة, دافع للشك, موصل لليقين.


{ 148 } { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

أي: كل أهل دين وملة, له وجهة يتوجه إليها في عبادته، وليس الشأن في استقبال القبلة, فإنه من الشرائع التي تتغير بها الأزمنة والأحوال, ويدخلها النسخ والنقل, من جهة إلى جهة، ولكن الشأن كل الشأن, في امتثال طاعة الله, والتقرب إليه, وطلب الزلفى عنده، فهذا هو عنوان السعادة ومنشور الولاية، وهو الذي إذا لم تتصف به النفوس, حصلت لها خسارة الدنيا والآخرة، كما أنها إذا اتصفت به فهي الرابحة على الحقيقة, وهذا أمر متفق عليه في جميع الشرائع, وهو الذي خلق الله له الخلق, وأمرهم به.

والأمر بالاستباق إلى الخيرات قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات، فإن الاستباق إليها, يتضمن فعلها, وتكميلها, وإيقاعها على أكمل الأحوال, والمبادرة إليها، ومن سبق في الدنيا إلى الخيرات, فهو السابق في الآخرة إلى الجنات, فالسابقون أعلى الخلق درجة، والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل, من صلاة, وصيام, وزكوات وحج, عمرة, وجهاد, ونفع متعد وقاصر.

ولما كان أقوى ما يحث النفوس على المسارعة إلى الخير, وينشطها, ما رتب الله عليها من الثواب قال: { أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فيجمعكم ليوم القيامة بقدرته, فيجازي كل عامل بعمله { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى }

ويستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل، كالصلاة في أول وقتها, والمبادرة إلى إبراء الذمة, من الصيام, والحج, والعمرة, وإخراج الزكاة, والإتيان بسنن العبادات وآدابها, فلله ما أجمعها وأنفعها من آية".


{ 149 - 150 } { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

أي: { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } في أسفارك وغيرها, وهذا للعموم, { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } أي: جهته.

ثم خاطب الأمة عموما فقال: { وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } وقال: { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } أكده بـ " إن " واللام, لئلا يقع لأحد فيه أدنى شبهة, ولئلا يظن أنه على سبيل التشهي لا الامتثال.

{ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل هو مطلع عليكم في جميع أحوالكم, فتأدبوا معه, وراقبوه بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه، فإن أعمالكم غير مغفول عنها, بل مجازون عليها أتم الجزاء, إن خيرا فخير, وإن شرا فشر.

وقال هنا: { لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } أي: شرعنا لكم استقبال الكعبة المشرفة, لينقطع عنكم احتجاج الناس من أهل الكتاب والمشركين، فإنه لو بقي مستقبلا بيت المقدس, لتوجهت عليه الحجة، فإن أهل الكتاب, يجدون في كتابهم أن قبلته المستقرة, هي الكعبة البيت الحرام، والمشركون يرون أن من مفاخرهم, هذا البيت العظيم, وأنه من ملة إبراهيم, وأنه إذا لم يستقبله محمد صلى الله عليه وسلم, توجهت نحوه حججهم, وقالوا: كيف يدعي أنه على ملة إبراهيم, وهو من ذريته, وقد ترك استقبال قبلته؟

فباستقبال الكعبة قامت الحجة على أهل الكتاب والمشركين, وانقطعت حججهم عليه.

{ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } أي: من احتج منهم بحجة, هو ظالم فيها, وليس لها مستند إلا اتباع الهوى والظلم, فهذا لا سبيل إلى إقناعه والاحتجاج عليه، وكذلك لا معنى لجعل الشبهة التي يوردونها على سبيل الاحتجاج محلا يؤبه لها, ولا يلقى لها بال, فلهذا قال تعالى: { فَلَا تَخْشَوْهُمْ } لأن حجتهم باطلة, والباطل كاسمه مخذول, مخذول صاحبه، وهذا بخلاف صاحب الحق, فإن للحق صولة وعزا, يوجب خشية من هو معه, وأمر تعالى بخشيته, التي هي أصل كل خير، فمن لم يخش الله, لم ينكف عن معصيته, ولم يمتثل أمره.

وكان صرف المسلمين إلى الكعبة, مما حصلت فيه فتنة كبيرة, أشاعها أهل الكتاب, والمنافقون, والمشركون, وأكثروا فيها من الكلام والشبه، فلهذا بسطها الله تعالى, وبينها أكمل بيان, وأكدها بأنواع من التأكيدات, التي تضمنتها هذه الآيات.

منها: الأمر بها, ثلاث مرات, مع كفاية المرة الواحدة، ومنها: أن المعهود, أن الأمر, إما أن يكون للرسول, فتدخل فيه الأمة تبعا, أو للأمة عموما، وفي هذه الآية أمر فيها الرسول بالخصوص في قوله: { فَوَلِّ وَجْهَكَ } والأمة عموما في قوله: { فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ }

ومنها: أنه رد فيه جميع الاحتجاجات الباطلة, التي أوردها أهل العناد وأبطلها شبهة شبهة, كما تقدم توضيحها، ومنها: أنه قطع الأطماع من اتباع الرسول قبلة أهل الكتاب، ومنها قوله: { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ } فمجرد إخبار الصادق العظيم كاف شاف, ولكن مع هذا قال: { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ }

ومنها: أنه أخبر - وهو العالم بالخفيات - أن أهل الكتاب متقرر عندهم, صحة هذا الأمر, ولكنهم يكتمون هذه الشهادة مع العلم.

ولما كان توليته لنا إلى استقبال القبلة, نعمة عظيمة, وكان لطفه بهذه الأمة ورحمته, لم يزل يتزايد, وكلما شرع لهم شريعة, فهي نعمة عظيمة قال: { وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ }

فأصل النعمة, الهداية لدينه, بإرسال رسوله, وإنزال كتابه، ثم بعد ذلك, النعم المتممات لهذا الأصل, لا تعد كثرة, ولا تحصر, منذ بعث الله رسوله إلى أن قرب رحيله من الدنيا، وقد أعطاه الله من الأحوال والنعم, وأعطى أمته, ما أتم به نعمته عليه وعليهم, وأنزل الله عليه: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

فلله الحمد على فضله, الذي لا نبلغ له عدا, فضلا عن القيام بشكره، { وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي: تعلمون الحق, وتعملون به، فالله تبارك وتعالى - من رحمته - بالعباد, قد يسر لهم أسباب الهداية غاية التيسير, ونبههم على سلوك طرقها, وبينها لهم أتم تبيين، حتى إن من جملة ذلك أنه يقيض للحق, المعاندين له فيجادلون فيه, فيتضح بذلك الحق, وتظهر آياته وأعلامه, ويتضح بطلان الباطل, وأنه لا حقيقة له، ولولا قيامه في مقابلة الحق, لربما لم يتبين حاله لأكثر الخلق، وبضدها تتبين الأشياء، فلولا الليل, ما عرف فضل النهار، ولولا القبيح, ما عرف فضل الحسن، ولولا الظلمة ما عرف منفعة النور، ولولا الباطل ما اتضح الحق اتضاحا ظاهرا، فلله الحمد على ذلك.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://plus.google.com/app/basic/111256749054740632836
 
تفسير سورة البقرة من الايه 126_150
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة البقرة من الايه 151حتى الايه 176
» تفسير سورة البقرة من الايه 79حتى الايه 100
» تفسير سورة البقرة من الايه 203 حتى 225
» تفسير سورة البقرة من الايه 253_286
» تفسير سورة البقرة من الايه 101_125

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عبق التواصل  :: المنتديات :: المنتدي الإسلامي :: القران والتفسير-
انتقل الى: