عبق التواصل
مرحبا بك الزائر العزير بعد اطلاعك على المنتدى يسعدنا ويشرفنا بانضمامك الى منتداك الاول ولك فائق الشكر والتقدير
عبق التواصل
مرحبا بك الزائر العزير بعد اطلاعك على المنتدى يسعدنا ويشرفنا بانضمامك الى منتداك الاول ولك فائق الشكر والتقدير
عبق التواصل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبق التواصل

الموقع الرسمى لأبناء القريه 20
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا زائرنا الكريم تفضل بالتسجيل شبكة منتديات القريه عشرين تتشرف بانضمامكم اليها

مبروك قروب واتساب القريه عشرين بانجازاتهم المحققه
واتساب القريه عشرين يبشار اكبر انجاز مشروع طريق معبد يربط القريه عشرين بحلفاج
تشيد او حفر بئر مياه شرب عبر واتساب عشرين
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
سحابة الكلمات الدلالية
الخطاب
المواضيع الأخيرة
» الرحيل المنسي(1)
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالأربعاء يوليو 28, 2021 3:54 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» الرحيل المنسي (2)
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالأربعاء يوليو 28, 2021 4:03 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» رثاء المرحوم/ محمد عبدالرحمن قيل .... بقلم نورالدين ابونوباتيا
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالسبت سبتمبر 29, 2018 3:11 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» رثاء المرحوم الاستاذ/ محمد محي الدين عربي ... بقلم.ابونوباتيا
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالسبت سبتمبر 29, 2018 2:13 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» إختلف الوضع وتغيرت الحال مما عرفنا حاجه إسمها الإغتراب ...
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالخميس أغسطس 09, 2018 11:39 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» العلاقه بين امبكول وارقو والسراريه
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالخميس أغسطس 09, 2018 7:32 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» الإطار التشريعي لحماية آثار النوبة
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالأربعاء أغسطس 01, 2018 12:59 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» سياحمد برسي
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالسبت يوليو 28, 2018 3:45 am من طرف ابوهزاع الدقنسابي

» الصعوط بالسين ولا الصاد
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالجمعة يونيو 29, 2018 4:58 pm من طرف ابوهزاع الدقنسابي

مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 
اليوميةاليومية
التواجد بالمنتدى والمشاركات
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط عبق التواصل على موقع حفض الصفحات

 

 تفسير سورة البقرة من الايه 253_286

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوهزاع الدقنسابي
المدير العام
المدير العام
ابوهزاع الدقنسابي


عدد المساهمات : 890
نقاط : 5126
مرسئ : 0
تاريخ التسجيل : 26/08/2013
الموقع : شبكة منتديات القريه عشرين
العمل/الترفيه : المدير العام

تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة من الايه 253_286   تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالخميس مارس 13, 2014 3:51 am

ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
-2 ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﻋﺪﺩ ﺁﻳﺎﺗﻬﺎ 286 )
ﺁﻳﺔ 286-253 (
ﻭﻫﻲ ﻣﺪﻧﻴﺔ
} 253 { } ﺗِﻠْﻚَ ﺍﻟﺮُّﺳُﻞُ ﻓَﻀَّﻠْﻨَﺎ ﺑَﻌْﻀَﻬُﻢْ
ﻋَﻠَﻰ ﺑَﻌْﺾٍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ ﻛَﻠَّﻢَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﺭَﻓَﻊَ
ﺑَﻌْﻀَﻬُﻢْ ﺩَﺭَﺟَﺎﺕٍ ﻭَﺁﺗَﻴْﻨَﺎ ﻋِﻴﺴَﻰ ﺍﺑْﻦَ
ﻣَﺮْﻳَﻢَ ﺍﻟْﺒَﻴِّﻨَﺎﺕِ ﻭَﺃَﻳَّﺪْﻧَﺎﻩُ ﺑِﺮُﻭﺡِ ﺍﻟْﻘُﺪُﺱِ
ﻭَﻟَﻮْ ﺷَﺎﺀَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣَﺎ ﺍﻗْﺘَﺘَﻞَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻣِﻦْ
ﺑَﻌْﺪِﻫِﻢْ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺟَﺎﺀَﺗْﻬُﻢُ ﺍﻟْﺒَﻴِّﻨَﺎﺕُ
ﻭَﻟَﻜِﻦِ ﺍﺧْﺘَﻠَﻔُﻮﺍ ﻓَﻤِﻨْﻬُﻢْ ﻣَﻦْ ﺁﻣَﻦَ ﻭَﻣِﻨْﻬُﻢْ
ﻣَﻦْ ﻛَﻔَﺮَ ﻭَﻟَﻮْ ﺷَﺎﺀَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣَﺎ ﺍﻗْﺘَﺘَﻠُﻮﺍ ﻭَﻟَﻜِﻦَّ
ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﻔْﻌَﻞُ ﻣَﺎ ﻳُﺮِﻳﺪُ {
ﻳﺨﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻓﻀﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺮﺳﻞ
ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺑﻤﺎ ﺧﺼﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺈﻳﺤﺎﺋﻪ ﻭﺇﺭﺳﺎﻟﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ،
ﻭﺩﻋﺎﺋﻬﻢ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﻓﻀﻞ
ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺑﻤﺎ ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪﺓ
ﻭﺍﻟﻨﻔﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻛﻤﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺧﺼﻪ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ،
ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺭﻓﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮﻫﻢ ﺩﺭﺟﺎﺕ
ﻛﻨﺒﻴﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻣﺎ ﺗﻔﺮﻕ ﻓﻲ
ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺟﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺐ ﻣﺎ
ﻓﺎﻕ ﺑﻪ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ } ﻭﺁﺗﻴﻨﺎ
ﻋﻴﺴﻰ ﺍﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎﺕ { ﺍﻟﺪﺍﻻﺕ
ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ
ﻭﻛﻠﻤﺘﻪ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﺭﻭﺡ ﻣﻨﻪ
} ﻭﺃﻳﺪﻧﺎﻩ ﺑﺮﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ { ﺃﻱ : ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ
ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻳﺪﻩ ﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻗﻮﺍﻩ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ، ﻭﻗﻴﻞ ﺃﻳﺪﻩ ﺑﺠﺒﺮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻼﺯﻣﻪ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ } ﻭﻟﻮ ﺷﺎﺀ
ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺘﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ
ﻣﺎ ﺟﺎﺀﺗﻬﻢ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎﺕ { ﺍﻟﻤﻮﺟﺒﺔ
ﻟﻼﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ } ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ
ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺁﻣﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﻔﺮ { ﻓﻜﺎﻥ
ﻣﻮﺟﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺘﻔﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﺍﺓ
ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻠﻮ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺘﻠﻮﺍ، ﻓﺪﻝ ﺫﻟﻚ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﻏﺎﻟﺒﺔ
ﻟﻸﺳﺒﺎﺏ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﻨﻔﻊ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﻊ ﻋﺪﻡ
ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ، ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﺿﻤﺤﻞ
ﻛﻞ ﺳﺒﺐ، ﻭﺯﺍﻝ ﻛﻞ ﻣﻮﺟﺐ، ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ
} ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ { ﻓﺈﺭﺍﺩﺗﻪ
ﻏﺎﻟﺒﺔ ﻭﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻧﺎﻓﺬﺓ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﻭﻧﺤﻮﻩ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ
ﻳﺰﻝ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﻀﺘﻪ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ
ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﺧﺒﺮ
ﺑﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺑﻪ ﻋﻨﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﻭﺍﻷﻗﻮﺍﻝ، ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﻌﺒﺮﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ .
ﻓﺎﺋﺪﺓ : ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ
ﺑﺮﺑﻪ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺮﺳﻠﻪ، ﻣﺎ
ﻳﺠﺐ ﻟﻬﻢ ﻭﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﺠﻮﺯ ﻓﻲ
ﺣﻘﻬﻢ، ﻭﻳﺆﺧﺬ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻭﺻﻔﻬﻢ
ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺁﻳﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ، ﻣﻨﻬﺎ : ﺃﻧﻬﻢ
ﺭﺟﺎﻝ ﻻ ﻧﺴﺎﺀ، ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻻ ﻣﻦ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻣﺼﻄﻔﻮﻥ
ﻣﺨﺘﺎﺭﻭﻥ، ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ
ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﻣﺎ ﺑﻪ ﺍﻻﺻﻄﻔﺎﺀ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ،
ﻭﺃﻧﻬﻢ ﺳﺎﻟﻤﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻲ
ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻛﺬﺏ ﻭﺧﻴﺎﻧﺔ ﻭﻛﺘﻤﺎﻥ
ﻭﻋﻴﻮﺏ ﻣﺰﺭﻳﺔ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻘﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ
ﺧﻄﺄ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ،
ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﺼﻬﻢ ﺑﻮﺣﻴﻪ، ﻓﻠﻬﺬﺍ
ﻭﺟﺐ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻬﻢ ﻭﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﻟﻢ
ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﻢ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ، ﻭﻣﻦ ﻗﺪﺡ ﻓﻲ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻭ ﺳﺒﻪ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﻳﺘﺤﺘﻢ
ﻗﺘﻠﻪ، ﻭﺩﻻﺋﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻣﻦ
ﺗﺪﺑﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ
ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} 254 { } ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺃَﻧْﻔِﻘُﻮﺍ
ﻣِﻤَّﺎ ﺭَﺯَﻗْﻨَﺎﻛُﻢْ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞِ ﺃَﻥْ ﻳَﺄْﺗِﻲَ ﻳَﻮْﻡٌ ﻟَﺎ
ﺑَﻴْﻊٌ ﻓِﻴﻪِ ﻭَﻟَﺎ ﺧُﻠَّﺔٌ ﻭَﻟَﺎ ﺷَﻔَﺎﻋَﺔٌ ﻭَﺍﻟْﻜَﺎﻓِﺮُﻭﻥَ
ﻫُﻢُ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤُﻮﻥَ {
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻟﻄﻒ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺃﻣﺮﻫﻢ
ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺷﻲﺀ ﻣﻤﺎ ﺭﺯﻗﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ، ﻣﻦ
ﺻﺪﻗﺔ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻭﻣﺴﺘﺤﺒﺔ، ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ
ﺫﺧﺮﺍ ﻭﺃﺟﺮﺍ ﻣﻮﻓﺮﺍ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻓﻼ
ﺑﻴﻊ ﻓﻴﻪ ﻭﻟﻮ ﺍﻓﺘﺪﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ
ﺑﻤﻞﺀ ﺍﻷﺭﺽ ﺫﻫﺒﺎ ﻟﻴﻔﺘﺪﻱ ﺑﻪ ﻣﻦ
ﻋﺬﺍﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ، ﻭﻟﻢ
ﻳﻨﻔﻌﻪ ﺧﻠﻴﻞ ﻭﻻ ﺻﺪﻳﻖ ﻻ ﺑﻮﺟﺎﻫﺔ ﻭﻻ
ﺑﺸﻔﺎﻋﺔ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﻳﺨﺴﺮ
ﺍﻟﻤﺒﻄﻠﻮﻥ ﻭﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﺨﺰﻱ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺿﻌﻮﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ
ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻌﻪ، ﻓﺘﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﻦ
ﺣﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻖ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﺗﻌﺪﻭﺍ ﺍﻟﺤﻼﻝ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻜﻔﺮ
ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﻴﻦ
ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻪ ﻓﻴﺼﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺇﻟﻰ
ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻣﺜﻠﻪ، ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ ﻫﻢ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻮﻥ { ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺤﺼﺮ، ﺃﻱ : ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺛﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻈﻠﻢ
ﺍﻟﺘﺎﻡ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻟﻈﻠﻢ
ﻋﻈﻴﻢ { ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} 255 { } ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﺎ ﺇِﻟَﻪَ ﺇِﻟَّﺎ ﻫُﻮَ ﺍﻟْﺤَﻲُّ
ﺍﻟْﻘَﻴُّﻮﻡُ ﻟَﺎ ﺗَﺄْﺧُﺬُﻩُ ﺳِﻨَﺔٌ ﻭَﻟَﺎ ﻧَﻮْﻡٌ ﻟَﻪُ ﻣَﺎ ﻓِﻲ
ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﻣَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻣَﻦْ ﺫَﺍ ﺍﻟَّﺬِﻱ
ﻳَﺸْﻔَﻊُ ﻋِﻨْﺪَﻩُ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺈِﺫْﻧِﻪِ ﻳَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﺑَﻴْﻦَ
ﺃَﻳْﺪِﻳﻬِﻢْ ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠْﻔَﻬُﻢْ ﻭَﻟَﺎ ﻳُﺤِﻴﻄُﻮﻥَ
ﺑِﺸَﻲْﺀٍ ﻣِﻦْ ﻋِﻠْﻤِﻪِ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﻤَﺎ ﺷَﺎﺀَ ﻭَﺳِﻊَ
ﻛُﺮْﺳِﻴُّﻪُ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽَ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺌُﻮﺩُﻩُ
ﺣِﻔْﻈُﻬُﻤَﺎ ﻭَﻫُﻮَ ﺍﻟْﻌَﻠِﻲُّ ﺍﻟْﻌَﻈِﻴﻢُ {
ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺃﻋﻈﻢ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻭﺃﻓﻀﻠﻬﺎ ﻭﺃﺟﻠﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺍﺷﺘﻤﻠﺖ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ، ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻛﺜﺮﺕ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻭﺭﺩﺍ
ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺗﻪ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﻭﻣﺴﺎﺀ
ﻭﻋﻨﺪ ﻧﻮﻣﻪ ﻭﺃﺩﺑﺎﺭ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ
ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺎﺕ، ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺑﺄﻥ } ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ { ﺃﻱ : ﻻ
ﻣﻌﺒﻮﺩ ﺑﺤﻖ ﺳﻮﺍﻩ، ﻓﻬﻮ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ
ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻌﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﻪ ﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ،
ﻟﻜﻤﺎﻟﻪ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻧﻌﻤﻪ،
ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺒﺪﺍ
ﻟﺮﺑﻪ، ﻣﻤﺘﺜﻼ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﻣﺠﺘﻨﺒﺎ ﻧﻮﺍﻫﻴﻪ،
ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻃﻞ، ﻓﻌﺒﺎﺩﺓ
ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﺑﺎﻃﻠﺔ، ﻟﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎ ﻧﺎﻗﺼﺎ ﻣﺪﺑﺮﺍ ﻓﻘﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ
ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻗﻮﻟﻪ : } ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ { ﻫﺬﺍﻥ
ﺍﻻﺳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺎﻥ ﻳﺪﻻﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ
ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺩﻻﻟﺔ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭﺗﻀﻤﻨﺎ
ﻭﻟﺰﻭﻣﺎ، ﻓﺎﻟﺤﻲ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺬﺍﺕ،
ﻛﺎﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ، ﻭﻧﺤﻮ
ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﻟﻘﻴﻮﻡ : ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻨﻔﺴﻪ
ﻭﻗﺎﻡ ﺑﻐﻴﺮﻩ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺴﺘﻠﺰﻡ ﻟﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺼﻒ ﺑﻬﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ
ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ
ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻹﻣﺎﺗﺔ ﻭﺍﻹﺣﻴﺎﺀ، ﻭﺳﺎﺋﺮ
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺩﺍﺧﻞ ﻓﻲ
ﻗﻴﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ : ﺇﻧﻬﻤﺎ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺬﻱ
ﺇﺫﺍ ﺩﻋﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺃﺟﺎﺏ، ﻭﺇﺫﺍ ﺳﺌﻞ ﺑﻪ
ﺃﻋﻄﻰ، ﻭﻣﻦ ﺗﻤﺎﻡ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻗﻴﻮﻣﻴﺘﻪ ﺃﻥ
} ﻻ ﺗﺄﺧﺬﻩ ﺳﻨﺔ ﻭﻻ ﻧﻮﻡ { ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ } ﻟﻪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﻣﺎ ﻓﻲ
ﺍﻷﺭﺽ { ﺃﻱ : ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ ﻭﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ
ﻣﻤﻠﻮﻙ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺮﺍﺯﻕ ﺍﻟﻤﺪﺑﺮ
ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻣﺮﺯﻭﻕ ﻣﺪﺑﺮ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﺭﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ :
} ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻔﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺇﻻ ﺑﺈﺫﻧﻪ {
ﺃﻱ : ﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﺸﻔﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺫﻧﻪ،
ﻓﺎﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺮﺣﻢ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ
ﺃﺫﻥ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﺮﻣﻪ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺃﻥ
ﻳﺸﻔﻊ ﻓﻴﻪ، ﻻ ﻳﺒﺘﺪﺉ ﺍﻟﺸﺎﻓﻊ ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺫﻥ،
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ } ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ { ﺃﻱ : ﻣﺎ
ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ } ﻭﻣﺎ ﺧﻠﻔﻬﻢ {
ﺃﻱ : ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﻌﻠﻤﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻣﺤﻴﻂ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻷﻣﻮﺭ، ﻣﺘﻘﺪﻣﻬﺎ
ﻭﻣﺘﺄﺧﺮﻫﺎ، ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﺒﻮﺍﻃﻦ، ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ
ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ
ﺷﻲﺀ ﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﺜﻘﺎﻝ ﺫﺭﺓ ﺇﻻ ﻣﺎ
ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ : } ﻭﻻ
ﻳﺤﻴﻄﻮﻥ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﺀ
ﻭﺳﻊ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ {
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﺳﻌﺔ
ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺃﻧﻪ
ﻳﺴﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺘﻬﻤﺎ
ﻭﻋﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﻓﻴﻬﻤﺎ، ﻭﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻟﻴﺲ ﺃﻛﺒﺮ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺑﻞ ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺮﺵ، ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ
ﺇﻻ ﻫﻮ، ﻭﻓﻲ ﻋﻈﻤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ
ﺗﺤﻴﺮ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺗﻜﻞ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ، ﻭﺗﻘﻠﻘﻞ
ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﺗﻜﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺤﻮﻝ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ،
ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ ﻭﻣﺒﺪﻋﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﺃﻭﺩﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻣﺎ
ﺃﻭﺩﻉ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺃﻣﺴﻚ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺃﻥ ﺗﺰﻭﻻ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻌﺐ ﻭﻻ
ﻧﺼﺐ، ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ : } ﻭﻻ ﻳﺆﻭﺩﻩ { ﺃﻱ :
ﻳﺜﻘﻠﻪ } ﺣﻔﻈﻬﻤﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻲ { ﺑﺬﺍﺗﻪ
ﻓﻮﻕ ﻋﺮﺷﻪ، ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺑﻘﻬﺮﻩ ﻟﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ، ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺑﻘﺪﺭﻩ ﻟﻜﻤﺎﻝ ﺻﻔﺎﺗﻪ
} ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ { ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻀﺎﺋﻞ ﻋﻨﺪ ﻋﻈﻤﺘﻪ
ﺟﺒﺮﻭﺕ ﺍﻟﺠﺒﺎﺑﺮﺓ، ﻭﺗﺼﻐﺮ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ
ﺟﻼﻟﻪ ﺃﻧﻮﻑ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ
ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ
ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ،
ﻓﻘﺪ ﺍﺷﺘﻤﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ
ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ
ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺣﺎﻃﺔ ﻣﻠﻜﻪ
ﻭﺇﺣﺎﻃﺔ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﺳﻌﺔ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﻭﺟﻼﻟﻪ
ﻭﻣﺠﺪﻩ، ﻭﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﻛﺒﺮﻳﺎﺋﻪ ﻭﻋﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ
ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ، ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺑﻤﻔﺮﺩﻫﺎ
ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ،
ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ
ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
} 256 257 - { } ﻟَﺎ ﺇِﻛْﺮَﺍﻩَ ﻓِﻲ ﺍﻟﺪِّﻳﻦِ ﻗَﺪْ
ﺗَﺒَﻴَّﻦَ ﺍﻟﺮُّﺷْﺪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻐَﻲِّ ﻓَﻤَﻦْ ﻳَﻜْﻔُﺮْ
ﺑِﺎﻟﻄَّﺎﻏُﻮﺕِ ﻭَﻳُﺆْﻣِﻦْ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻘَﺪِ ﺍﺳْﺘَﻤْﺴَﻚَ
ﺑِﺎﻟْﻌُﺮْﻭَﺓِ ﺍﻟْﻮُﺛْﻘَﻰ ﻟَﺎ ﺍﻧْﻔِﺼَﺎﻡَ ﻟَﻬَﺎ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ
ﺳَﻤِﻴﻊٌ ﻋَﻠِﻴﻢٌ *
ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟِﻲُّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻳُﺨْﺮِﺟُﻬُﻢْ ﻣِﻦَ
ﺍﻟﻈُّﻠُﻤَﺎﺕِ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻨُّﻮﺭِ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ
ﺃَﻭْﻟِﻴَﺎﺅُﻫُﻢُ ﺍﻟﻄَّﺎﻏُﻮﺕُ ﻳُﺨْﺮِﺟُﻮﻧَﻬُﻢْ ﻣِﻦَ
ﺍﻟﻨُّﻮﺭِ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻈُّﻠُﻤَﺎﺕِ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏُ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ
ﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ {
ﻳﺨﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻟﻌﺪﻡ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻋﻠﻴﻪ، ﻷﻥ
ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ﺧﻔﻴﺔ
ﺃﻋﻼﻣﻪ، ﻏﺎﻣﻀﺔ ﺃﺛﺎﺭﻩ، ﺃﻭ ﺃﻣﺮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﺔ ﻟﻠﻨﻔﻮﺱ، ﻭﺃﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻟﻘﻮﻳﻢ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﺒﻴﻨﺖ
ﺃﻋﻼﻣﻪ ﻟﻠﻌﻘﻮﻝ، ﻭﻇﻬﺮﺕ ﻃﺮﻗﻪ، ﻭﺗﺒﻴﻦ
ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﻋﺮﻑ ﺍﻟﺮﺷﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻲ، ﻓﺎﻟﻤﻮﻓﻖ
ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺃﺩﻧﻰ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺁﺛﺮﻩ ﻭﺍﺧﺘﺎﺭﻩ،
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﺊ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻓﺎﺳﺪ
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ، ﺧﺒﻴﺚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤﻖ
ﻓﻴﺨﺘﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﻳﺒﺼﺮ ﺍﻟﺤﺴﻦ
ﻓﻴﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻓﻬﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻪ
ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺇﻛﺮﺍﻫﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻟﻌﺪﻡ
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻜﺮﻩ ﻟﻴﺲ
ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ ﺻﺤﻴﺤﺎ، ﻭﻻ ﺗﺪﻝ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ
ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ، ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ
ﻣﻮﺟﺐ ﻟﻘﺒﻮﻟﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺼﻒ ﻗﺼﺪﻩ ﺍﺗﺒﺎﻉ
ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﻋﺪﻣﻪ ﻓﻠﻢ ﺗﺘﻌﺮﺽ
ﻟﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺆﺧﺬ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻣﻦ
ﻧﺼﻮﺹ ﺃﺧﺮ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻓﻤﻦ ﻳﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻄﺎﻏﻮﺕ ﻓﻴﺘﺮﻙ
ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ،
ﻭﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﻟﻪ
ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺭﺑﻪ ﻭﻃﺎﻋﺘﻪ } ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻤﺴﻚ
ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟﻮﺛﻘﻰ { ﺃﻱ : ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻳﻢ
ﺍﻟﺬﻱ ﺛﺒﺘﺖ ﻗﻮﺍﻋﺪﻩ ﻭﺭﺳﺨﺖ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ،
ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺍﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟﻮﺛﻘﻰ ﺍﻟﺘﻲ
} ﻻ ﺍﻧﻔﺼﺎﻡ ﻟﻬﺎ { ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻜﺲ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻓﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺁﻣﻦ ﺑﺎﻟﻄﺎﻏﻮﺕ،
ﻓﻘﺪ ﺃﻃﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟﻮﺛﻘﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ
ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ، ﻭﺍﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻜﻞ ﺑﺎﻃﻞ
ﻣﺂﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ } ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﻤﻴﻊ ﻋﻠﻴﻢ {
ﻓﻴﺠﺎﺯﻱ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻪ
ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ
ﻟﻤﻦ ﺍﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﺍﻟﻮﺛﻘﻰ ﻭﻟﻤﻦ ﻟﻢ
ﻳﺴﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ .
ﺛﻢ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺻﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ
ﻓﻘﺎﻝ : } ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ { ﻭﻫﺬﺍ
ﻳﺸﻤﻞ ﻭﻻﻳﺘﻬﻢ ﻟﺮﺑﻬﻢ، ﺑﺄﻥ ﺗﻮﻟﻮﻩ ﻓﻼ
ﻳﺒﻐﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﺑﺪﻻ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﻛﻮﻥ ﺑﻪ ﺃﺣﺪﺍ،
ﻗﺪ ﺍﺗﺨﺬﻭﻩ ﺣﺒﻴﺒﺎ ﻭﻭﻟﻴﺎ، ﻭﻭﺍﻟﻮﺍ
ﺃﻭﻟﻴﺎﺀﻩ ﻭﻋﺎﺩﻭﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀﻩ، ﻓﺘﻮﻻﻫﻢ
ﺑﻠﻄﻔﻪ ﻭﻣﻦَّ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻧﻪ، ﻓﺄﺧﺮﺟﻬﻢ
ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ
ﺇﻟﻰ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻛﺎﻥ
ﺟﺰﺍﺅﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺳﻠﻤﻬﻢ ﻣﻦ
ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﻔﺴﺤﺔ
ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ } ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﺃﻭﻟﻴﺎﺅﻫﻢ
ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ { ﻓﺘﻮﻟﻮﺍ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺣﺰﺑﻪ،
ﻭﺍﺗﺨﺬﻭﻩ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻴﺎ ﻭﻭﺍﻟﻮﻩ
ﻭﺗﺮﻛﻮﺍ ﻭﻻﻳﺔ ﺭﺑﻬﻢ ﻭﺳﻴﺪﻫﻢ، ﻓﺴﻠﻄﻬﻢ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﺯﻭﻧﻬﻢ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺃﺯﺍ، ﻭﻳﺰﻋﺠﻮﻧﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮ
ﺇﺯﻋﺎﺟﺎ، ﻓﻴﺨﺮﺟﻮﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ
ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ، ﻓﻜﺎﻥ ﺟﺰﺍﺅﻫﻢ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺣﺮﻣﻮﺍ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ، ﻭﻓﺎﺗﻬﻢ
ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺮﺍﺕ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ
ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﺤﺴﺮﺓ، ﻓﻠﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺃﻭﻟﺌﻚ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺎﻟﺪﻭﻥ {
} 258 { } ﺃَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺣَﺎﺝَّ
ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢَ ﻓِﻲ ﺭَﺑِّﻪِ ﺃَﻥْ ﺁﺗَﺎﻩُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚَ ﺇِﺫْ
ﻗَﺎﻝَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢُ ﺭَﺑِّﻲَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻳُﺤْﻴِﻲ ﻭَﻳُﻤِﻴﺖُ
ﻗَﺎﻝَ ﺃَﻧَﺎ ﺃُﺣْﻴِﻲ ﻭَﺃُﻣِﻴﺖُ ﻗَﺎﻝَ ﺇِﺑْﺮَﺍﻫِﻴﻢُ ﻓَﺈِﻥَّ
ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﺗِﻲ ﺑِﺎﻟﺸَّﻤْﺲِ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤَﺸْﺮِﻕِ ﻓَﺄْﺕِ
ﺑِﻬَﺎ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤَﻐْﺮِﺏِ ﻓَﺒُﻬِﺖَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻛَﻔَﺮَ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﺎ
ﻳَﻬْﺪِﻱ ﺍﻟْﻘَﻮْﻡَ ﺍﻟﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ {
ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﺃﻟﻢ ﺗﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺝ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺭﺑﻪ { ﺃﻱ : ﺇﻟﻰ ﺟﺮﺍﺋﺘﻪ
ﻭﺗﺠﺎﻫﻠﻪ ﻭﻋﻨﺎﺩﻩ ﻭﻣﺤﺎﺟﺘﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ
ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻚ، ﻭﻣﺎ ﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ
} ﺃﻥ ﺁﺗﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻠﻚ { ﻓﻄﻐﻰ ﻭﺑﻐﻰ
ﻭﺭﺃﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺘﺮﺋﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻋﻴﺘﻪ، ﻓﺤﻤﻠﻪ
ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺭﺑﻮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ } ﺭﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻲ
ﻭﻳﻤﻴﺖ { ﺃﻱ : ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﻔﺮﺩ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ، ﻭﺧﺺ ﻣﻨﻪ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻣﺎﺗﺔ
ﻟﻜﻮﻧﻬﻤﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ، ﻭﻷﻥ
ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻹﻣﺎﺗﺔ
ﻣﺒﺪﺃ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻓﻘﺎﻝ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻤﺤﺎﺝ : } ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻴﻲ ﻭﺃﻣﻴﺖ { ﻭ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://plus.google.com/app/basic/111256749054740632836
ابوهزاع الدقنسابي
المدير العام
المدير العام
ابوهزاع الدقنسابي


عدد المساهمات : 890
نقاط : 5126
مرسئ : 0
تاريخ التسجيل : 26/08/2013
الموقع : شبكة منتديات القريه عشرين
العمل/الترفيه : المدير العام

تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة من الايه 253_286   تفسير سورة البقرة من الايه 253_286 Emptyالجمعة أبريل 11, 2014 12:35 pm

نواصل
__________ فقال إبراهيم { ربي الذي يحيي ويميت } أي: هو المنفرد بأنواع التصرف، وخص منه الإحياء والإماتة لكونهما أعظم أنواع التدابير، ولأن الإحياء مبدأ الحياة الدنيا والإماتة مبدأ ما يكون في الآخرة، فقال ذلك المحاج: { أنا أحيي وأميت } ولم يقل أنا الذي أحيي وأميت، لأنه لم يدع الاستقلال بالتصرف، وإنما زعم أنه يفعل كفعل الله ويصنع صنعه، فزعم أنه يقتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون شبهة فضلا عن كونه حجة، اطرد معه في الدليل فقال إبراهيم: { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق } أي: عيانا يقر به كل أحد حتى ذلك الكافر { فأت بها من المغرب } وهذا إلزام له بطرد دليله إن كان صادقا في دعواه، فلما قال له أمرا لا قوة له في شبهة تشوش دليله، ولا قادحا يقدح في سبيله { بهت الذي كفر } أي: تحير فلم يرجع إليه جوابا وانقطعت حجته وسقطت شبهته، وهذه حالة المبطل المعاند الذي يريد أن يقاوم الحق ويغالبه، فإنه مغلوب مقهور، فلذلك قال تعالى: { والله لا يهدي القوم الظالمين } بل يبقيهم على كفرهم وضلالهم، وهم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك، وإلا فلو كان قصدهم الحق والهداية لهداهم إليه ويسر لهم أسباب الوصول إليه، ففي هذه الآية برهان قاطع على تفرد الرب بالخلق والتدبير، ويلزم من ذلك أن يفرد بالعبادة والإنابة والتوكل عليه في جميع الأحوال، قال ابن القيم رحمه الله: وفي هذه المناظرة نكتة لطيفة جدا، وهي أن شرك العالم إنما هو مستند إلى عبادة الكواكب والقبور، ثم صورت الأصنام على صورها، فتضمن الدليلان اللذان استدل بهما إبراهيم إبطال إلهية تلك جملة بأن الله وحده هو الذي يحيي ويميت، ولا يصلح الحي الذي يموت للإلهية لا في حال حياته ولا بعد موته، فإن له ربا قادرا قاهرا متصرفا فيه إحياء وإماتة، ومن كان كذلك فكيف يكون إلها حتى يتخذ الصنم على صورته، ويعبد من دونه، وكذلك الكواكب أظهرها وأكبرها للحس هذه الشمس وهي مربوبة مدبرة مسخرة، لا تصرف لها بنفسها بوجه ما، بل ربها وخالقها سبحانه يأتي بها من مشرقها فتنقاد لأمره ومشيئته، فهي مربوبة مسخرة مدبرة، لا إله يعبد من دون الله. " من مفتاح دار السعادة " ثم قال تعالى:

{ 259 } { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

وهذا أيضا دليل آخر على توحد الله بالخلق والتدبير والإماتة والإحياء، فقال: { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها } أي: قد باد أهلها وفني سكانها وسقطت حيطانها على عروشها، فلم يبق بها أنيس بل بقيت موحشة من أهلها مقفرة، فوقف عليها ذلك الرجل متعجبا و { قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها } استبعادا لذلك وجهلا بقدرة الله تعالى، فلما أراد الله به خيرا أراه آية في نفسه وفي حماره، وكان معه طعام وشراب، { فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم } استقصارا لتلك المدة التي مات فيها لكونه قد زالت معرفته وحواسه وكان عهد حاله قبل موته، فقيل له { بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه } أي: لم يتغير بل بقي على حاله على تطاول السنين واختلاف الأوقات عليه، ففيه أكبر دليل على قدرته حيث أبقاه وحفظه عن التغير والفساد، مع أن الطعام والشراب من أسرع الأشياء فسادا { وانظر إلى حمارك } وكان قد مات وتمزق لحمه وجلده وانتثرت عظامه، وتفرقت أوصاله { ولنجعلك آية للناس } على قدرة الله وبعثه الأموات من قبورهم، لتكون أنموذجا محسوسا مشاهدا بالأبصار، فيعلموا بذلك صحة ما أخبرت به الرسل { وانظر إلى العظام كيف ننشزها } أي: ندخل بعضها في بعض، ونركب بعضها ببعض { ثم نكسوها لحما } فنظر إليها عيانا كما وصفها الله تعالى، { فلما تبين له } ذلك وعلم قدرة الله تعالى { قال أعلم أن الله على كل شيء قدير } والظاهر من سياق الآية أن هذا رجل منكر للبعث أراد الله به خيرا، وأن يجعله آية ودليلا للناس لثلاثة أوجه أحدها قوله { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } ولو كان نبيا أو عبدا صالحا لم يقل ذلك، والثاني: أن الله أراه آية في طعامه وشرابه وحماره ونفسه ليراه بعينه فيقر بما أنكره، ولم يذكر في الآية أن القرية المذكورة عمرت وعادت إلى حالتها، ولا في السياق ما يدل على ذلك، ولا في ذلك كثير فائدة، ما الفائدة الدالة على إحياء الله للموتى في قرية خربت ثم رجع إليها أهلها أو غيرهم فعمروها؟! وإنما الدليل الحقيقي في إحيائه وإحياء حماره وإبقاء طعامه وشرابه بحاله، والثالث في قوله: { فلما تبين له } أي: تبين له أمر كان يجهله ويخفى عليه، فعلم بذلك صحة ما ذكرناه، والله أعلم. ثم قال تعالى:

{260 } { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

وهذا فيه أيضا أعظم دلالة حسية على قدرة الله وإحيائه الموتى للبعث والجزاء، فأخبر تعالى عن خليله إبراهيم أنه سأله أن يريه ببصره كيف يحيي الموتى، لأنه قد تيقن ذلك بخبر الله تعالى، ولكنه أحب أن يشاهده عيانا ليحصل له مرتبة عين اليقين، فلهذا قال الله له: { أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } وذلك أنه بتوارد الأدلة اليقينية مما يزداد به الإيمان ويكمل به الإيقان ويسعى في نيله أولو العرفان، فقال له ربه { فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك } أي: ضمهن ليكون ذلك بمرأى منك ومشاهدة وعلى يديك. { ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا } أي: مزقهن، اخلط أجزاءهن بعضها ببعض، واجعل على كل جبل، أي: من الجبال التي في القرب منه، جزء من تلك الأجزاء { ثم ادعهن يأتينك سعيا } أي: تحصل لهن حياة كاملة، ويأتينك في هذه القوة وسرعة الطيران، ففعل إبراهيم عليه السلام ذلك وحصل له ما أراد وهذا من ملكوت السماوات والأرض الذي أراه الله إياه في قوله { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين } ثم قال: { واعلم أن الله عزيز حكيم } أي: ذو قوة عظيمة سخر بها المخلوقات، فلم يستعص عليه شيء منها، بل هي منقادة لعزته خاضعة لجلاله، ومع ذلك فأفعاله تعالى تابعة لحكمته، لا يفعل شيئا عبثا، ثم قال تعالى:

{ 261 } { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

هذا بيان للمضاعفة التي ذكرها الله في قوله { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } وهنا قال: { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } أي: في طاعته ومرضاته، وأولاها إنفاقها في الجهاد في سبيله { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } وهذا إحضار لصورة المضاعفة بهذا المثل، الذي كان العبد يشاهده ببصره فيشاهد هذه المضاعفة ببصيرته، فيقوى شاهد الإيمان مع شاهد العيان، فتنقاد النفس مذعنة للإنفاق سامحة بها مؤملة لهذه المضاعفة الجزيلة والمنة الجليلة، { والله يضاعف } هذه المضاعفة { لمن يشاء } أي: بحسب حال المنفق وإخلاصه وصدقه وبحسب حال النفقة وحلها ونفعها ووقوعها موقعها، ويحتمل أن يكون { والله يضاعف } أكثر من هذه المضاعفة { لمن يشاء } فيعطيهم أجرهم بغير حساب { والله واسع } الفضل، واسع العطاء، لا ينقصه نائل ولا يحفيه سائل، فلا يتوهم المنفق أن تلك المضاعفة فيها نوع مبالغة، لأن الله تعالى لا يتعاظمه شيء ولا ينقصه العطاء على كثرته، ومع هذا فهو { عليم } بمن يستحق هذه المضاعفة ومن لا يستحقها، فيضع المضاعفة في موضعها لكمال علمه وحكمته.

{ 262 } { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }

أي: الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله، ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على المنفق عليه بالقلب أو باللسان، بأن يعدد عليه إحسانه ويطلب منه مقابلته، ولا أذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء لهم أجرهم اللائق بهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم الخير واندفع عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من المفسدات.

{ قول معروف } أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له { ومغفرة } لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي، فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى، لأن القول المعروف إحسان قولي، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة، وكلاهما إحسان ما فيه مفسد، فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره، ومفهوم الآية أن الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول المعروف والمغفرة، وإنما كان المنّ بالصدقة مفسدا لها محرما، لأن المنّة لله تعالى وحده، والإحسان كله لله، فالعبد لا يمنّ بنعمة الله وإحسانه وفضله وهو ليس منه، وأيضا فإن المانّ مستعبِدٌ لمن يمنّ عليه، والذل والاستعباد لا ينبغي إلا لله، والله غني بذاته عن جميع مخلوقاته، وكلها مفتقرة إليه بالذات في جميع الحالات والأوقات، فصدقتكم وإنفاقكم وطاعاتكم يعود مصلحتها إليكم ونفعها إليكم، { والله غني } عنها، ومع هذا فهو { حليم } على من عصاه لا يعاجله بعقوبة مع قدرته عليه، ولكن رحمته وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين، بل يمهلهم ويصرّف لهم الآيات لعلهم يرجعون إليه وينيبون إليه، فإذا علم تعالى أنه لا خير فيهم ولا تغني عنهم الآيات ولا تفيد بهم المثلات أنزل بهم عقابه وحرمهم جزيل ثوابه.

{ 264 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }

ينهى عباده تعالى لطفا بهم ورحمة عن إبطال صدقاتهم بالمن والأذى ففيه أن المن والأذى يبطل الصدقة، ويستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تبطل الأعمال الحسنة، كما قال تعالى: { ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } فكما أن الحسنات يذهبن السيئات فالسيئات تبطل ما قابلها من الحسنات، وفي هذه الآية مع قوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } حث على تكميل الأعمال وحفظها من كل ما يفسدها لئلا يضيع العمل سدى، وقوله: { كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } أي: أنتم وإن قصدتم بذلك وجه الله في ابتداء الأمر، فإن المنة والأذى مبطلان لأعمالكم، فتصير أعمالكم بمنزلة الذي يعمل لمراءاة الناس ولا يريد به الله والدار الآخرة، فهذا لا شك أن عمله من أصله مردود، لأن شرط العمل أن يكون لله وحده وهذا في الحقيقة عمل للناس لا لله، فأعماله باطلة وسعيه غير مشكور، فمثله المطابق لحاله { كمثل صفوان } وهو الحجر الأملس الشديد { عليه تراب فأصابه وابل } أي: مطر غزير { فتركه صلدا } أي: ليس عليه شيء من التراب، فكذلك حال هذا المرائي، قلبه غليظ قاس بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان، إذا رآه الجاهل بحاله ظن أنه أرض زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من انتفاعه بشيء من عمله، فلهذا { لا يقدرون على شيء } من أعمالهم التي اكتسبوها، لأنهم وضعوها في غير موضعها وجعلوها لمخلوق مثلهم، لا يملك لهم ضررا ولا نفعا وانصرفوا عن عبادة من تنفعهم عبادته، فصرف الله قلوبهم عن الهداية، فلهذا قال: { والله لا يهدي القوم الكافرين }

{265 } { وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

هذا مثل المنفقين أموالهم على وجه تزكو عليه نفقاتهم وتقبل به صدقاتهم فقال تعالى: { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله } أي: قصدهم بذلك رضى ربهم والفوز بقربه { وتثبيتا من أنفسهم } أي: صدر الإنفاق على وجه منشرحة له النفس سخية به، لا على وجه التردد وضعف النفس في إخراجها وذلك أن النفقة يعرض لها آفتان إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء، أو يخرجها على خور وضعف عزيمة وتردد، فهؤلاء سلموا من هاتين الآفتين فأنفقوا ابتغاء مرضات الله لا لغير ذلك من المقاصد، وتثبيتا من أنفسهم، فمثل نفقة هؤلاء { كمثل جنة } أي: كثيرة الأشجار غزيرة الظلال، من الاجتنان وهو الستر، لستر أشجارها ما فيها، وهذه الجنة { بربوة } أي: محل مرتفع ضاح للشمس في أول النهار ووسطه وآخره، فثماره أكثر الثمار وأحسنها، ليست بمحل نازل عن الرياح والشمس، فـ { أصابها } أي: تلك الجنة التي بربوة { وابل } وهو المطر الغزير { فآتت أكلها ضعفين } أي: تضاعفت ثمراتها لطيب أرضها ووجود الأسباب الموجبة لذلك، وحصول الماء الكثير الذي ينميها ويكملها { فإن لم يصبها وابل فطل } أي: مطر قليل يكفيها لطيب منبتها، فهذه حالة المنفقين أهل النفقات الكثيرة والقليلة كل على حسب حاله، وكل ينمى له ما أنفق أتم تنمية وأكملها والمنمي لها هو الذي أرحم بك من نفسك، الذي يريد مصلحتك حيث لا تريدها، فيالله لو قدر وجود بستان في هذه الدار بهذه الصفة لأسرعت إليه الهمم وتزاحم عليه كل أحد، ولحصل الاقتتال عنده، مع انقضاء هذه الدار وفنائها وكثرة آفاتها وشدة نصبها وعنائها، وهذا الثواب الذي ذكره الله كأن المؤمن ينظر إليه بعين بصيرة الإيمان، دائم مستمر فيه أنواع المسرات والفرحات، ومع هذا تجد النفوس عنه راقدة، والعزائم عن طلبه خامدة، أترى ذلك زهدا في الآخرة ونعيمها، أم ضعف إيمان بوعد الله ورجاء ثوابه؟! وإلا فلو تيقن العبد ذلك حق اليقين وباشر الإيمان به بشاشة قلبه لانبعثت من قلبه مزعجات الشوق إليه، وتوجهت همم عزائمه إليه، وطوعت نفسه له بكثرة النفقات رجاء المثوبات، ولهذا قال تعالى: { والله بما تعملون بصير } فيعلم عمل كل عامل ومصدر ذلك العمل، فيجازيه عليه أتم الجزاء ثم قال تعالى:

{ 266 } { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }

وهذا المثل مضروب لمن عمل عملا لوجه الله تعالى من صدقة أو غيرها ثم عمل أعمالا تفسده، فمثله كمثل صاحب هذا البستان الذي فيه من كل الثمرات، وخص منها النخل والعنب لفضلهما وكثرة منافعهما، لكونهما غذاء وقوتا وفاكهة وحلوى، وتلك الجنة فيها الأنهار الجارية التي تسقيها من غير مؤنة، وكان صاحبها قد اغتبط بها وسرته، ثم إنه أصابه الكبر فضعف عن العمل وزاد حرصه، وكان له ذرية ضعفاء ما فيهم معاونة له، بل هم كل عليه، ونفقته ونفقتهم من تلك الجنة، فبينما هو كذلك إذ أصاب تلك الجنة إعصار وهو الريح القوية التي تستدير ثم ترتفع في الجو، وفي ذلك الإعصار نار فاحترقت تلك الجنة، فلا تسأل عما لقي ذلك الذي أصابه الكبر من الهم والغم والحزن، فلو قدر أن الحزن يقتل صاحبه لقتله الحزن، كذلك من عمل عملا لوجه الله فإن أعماله بمنزلة البذر للزروع والثمار، ولا يزال كذلك حتى يحصل له من عمله جنة موصوفة بغاية الحسن والبهاء، وتلك المفسدات التي تفسد الأعمال بمنزلة الإعصار الذي فيه نار، والعبد أحوج ما يكون لعمله إذا مات وكان بحالة لا يقدر معها على العمل، فيجد عمله الذي يؤمل نفعه هباء منثورا، ووجد الله عنده فوفاه حسابه.

والله سريع الحساب فلو علم الإنسان وتصور هذه الحال وكان له أدنى مسكة من عقل لم يقدم على ما فيه مضرته ونهاية حسرته ولكن ضعف الإيمان والعقل وقلة البصيرة يصير صاحبه إلى هذه الحالة التي لو صدرت من مجنون لا يعقل لكان ذلك عظيما وخطره جسيما، فلهذا أمر تعالى بالتفكر وحثَّ عليه، فقال: { كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون }

{ 267 - 268 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

يأمر تعالى عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب، ومما أخرج لهم من الأرض فكما منَّ عليكم بتسهيل تحصيله فأنفقوا منه شكرا لله وأداء لبعض حقوق إخوانكم عليكم، وتطهيرا لأموالكم، واقصدوا في تلك النفقة الطيب الذي تحبونه لأنفسكم، ولا تيمموا الرديء الذي لا ترغبونه ولا تأخذونه إلا على وجه الإغماض والمسامحة { واعلموا أن الله غني حميد } فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم، ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به من الأوامر الحميدة والخصال السديدة، فعليكم أن تمتثلوا أوامره لأنها قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح، وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } بل أطيعوا ربكم الذي يأمركم بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم، ومع هذا فهو { يعدكم مغفرة } لذنوبكم وتطهيرا لعيوبكم { وفضلا } وإحسانا إليكم في الدنيا والآخرة، من الخلف العاجل، وانشراح الصدر ونعيم القلب والروح والقبر، وحصول ثوابها وتوفيتها يوم القيامة، وليس هذا عظيما عليه لأنه { واسع } الفضل عظيم الإحسان { عليم } بما يصدر منكم من النفقات قليلها وكثيرها، سرها وعلنها، فيجازيكم عليها من سعته وفضله وإحسانه، فلينظر العبد نفسه إلى أي الداعيين يميل، فقد تضمنت هاتان الآيتان أمورا عظيمة منها: الحث على الإنفاق، ومنها: بيان الأسباب الموجبة لذلك، ومنها: وجوب الزكاة من النقدين وعروض التجارة كلها، لأنها داخلة في قوله: { من طيبات ما كسبتم } ومنها: وجوب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعادن، ومنها: أن الزكاة على من له الزرع والثمر لا على صاحب الأرض، لقوله { أخرجنا لكم } فمن أخرجت له وجبت عليه ومنها: أن الأموال المعدة للاقتناء من العقارات والأواني ونحوها ليس فيها زكاة، وكذلك الديون والغصوب ونحوهما إذا كانت مجهولة، أو عند من لا يقدر ربها على استخراجها منه، ليس فيها زكاة، لأن الله أوجب النفقة من الأموال التي يحصل فيها النماء الخارج من الأرض، وأموال التجارة مواساة من نمائها، وأما الأموال التي غير معدة لذلك ولا مقدورا عليها فليس فيها هذا المعنى، ومنها: أن الرديء ينهى عن إخراجه ولا يجزئ في الزكاة ثم قال تعالى:

{ 269 } { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }

لما أمر تعالى بهذه الأوامر العظيمة المشتملة على الأسرار والحكم وكان ذلك لا يحصل لكل أحد، بل لمن منَّ عليه وآتاه الله الحكمة، وهي العلم النافع والعمل الصالح ومعرفة أسرار الشرائع وحكمها، وإن من آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا وأي خير أعظم من خير فيه سعادة الدارين والنجاة من شقاوتهما! وفيه التخصيص بهذا الفضل وكونه من ورثة الأنبياء، فكمال العبد متوقف على الحكمة، إذ كماله بتكميل قوتيه العلمية والعملية فتكميل قوته العلمية بمعرفة الحق ومعرفة المقصود به، وتكميل قوته العملية بالعمل بالخير وترك الشر، وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره، وبدون ذلك لا يمكنه ذلك، ولما كان الله تعالى قد فطر عباده على عبادته ومحبة الخير والقصد للحق، فبعث الله الرسل مذكرين لهم بما ركز في فطرهم وعقولهم، ومفصلين لهم ما لم يعرفوه، انقسم الناس قسمين قسم أجابوا دعوتهم فتذكروا ما ينفعهم ففعلوه، وما يضرهم فتركوه، وهؤلاء هم أولو الألباب الكاملة، والعقول التامة، وقسم لم يستجيبوا لدعوتهم، بل أجابوا ما عرض لفطرهم من الفساد، وتركوا طاعة رب العباد، فهؤلاء ليسوا من أولي الألباب، فلهذا قال تعالى: { وما يذكر إلا أولو الألباب }

{ 270 } { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }

وهذا فيه المجازاة على النفقات، واجبها ومستحبها، قليلها وكثيرها، التي أمر الله بها، والنذور التي ألزمها المكلف نفسه، وإن الله تعالى يعلمها فلا يخفى عليه منها شيء، ويعلم ما صدرت عنه، هل هو الإخلاص أو غيره، فإن صدرت عن إخلاص وطلب لمرضاة الله جازى عليها بالفضل العظيم والثواب الجسيم، وإن لم ينفق العبد ما وجب عليه من النفقات ولم يوف ما أوجبه على نفسه من المنذورات، أو قصد بذلك رضى المخلوقات، فإنه ظالم قد وضع الشيء في غير موضعه، واستحق العقوبة البليغة، ولم ينفعه أحد من الخلق ولم ينصره، فلهذا قال: { وما للظالمين من أنصار }

{ 271 } { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

أي: { إن تبدوا الصدقات } فتظهروها وتكون علانية حيث كان القصد بها وجه الله { فنعما هي } أي: فنعم الشيء { هي } لحصول المقصود بها { وإن تخفوها } أي: تسروها { وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } ففي هذا أن صدقة السر على الفقير أفضل من صدقة العلانية، وأما إذا لم تؤت الصدقات الفقراء فمفهوم الآية أن السر ليس خيرا من العلانية، فيرجع في ذلك إلى المصلحة، فإن كان في إظهارها إظهار شعائر الدين وحصول الاقتداء ونحوه، فهو أفضل من الإسرار، ودل قوله: { وتؤتوها الفقراء } على أنه ينبغي للمتصدق أن يتحرى بصدقته المحتاجين، ولا يعطي محتاجا وغيره أحوج منه، ولما ذكر تعالى أن الصدقة خير للمتصدق ويتضمن ذلك حصول الثواب قال: { ويكفر عنكم من سيئاتكم } ففيه دفع العقاب { والله بما تعملون خبير } من خير وشر، قليل وكثير والمقصود من ذلك المجازاة.

{ 272 - 274 } { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس عليك هدي الخلق، وإنما عليك البلاغ المبين، والهداية بيد الله تعالى، ففيها دلالة على أن النفقة كما تكون على المسلم تكون على الكافر ولو لم يهتد، فلهذا قال: { وما تنفقوا من خير } أي: قليل أو كثير على أي شخص كان من مسلم وكافر { فلأنفسكم } أي: نفعه راجع إليكم { وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله } هذا إخبار عن نفقات المؤمنين الصادرة عن إيمانهم أنها لا تكون إلا لوجه الله تعالى، لأن إيمانهم يمنعهم عن المقاصد الردية ويوجب لهم الإخلاص { وما تنفقوا من خير يوف إليكم } يوم القيامة تستوفون أجوركم { وأنتم لا تظلمون } أي: تنقصون من أعمالكم شيئا ولا مثقال ذرة، كما لا يزاد في سيئاتكم.

ثم ذكر مصرف النفقات الذين هم أولى الناس بها فوصفهم بست صفات أحدها الفقر، والثاني قوله: { أحصروا في سبيل الله } أي: قصروها على طاعة الله من جهاد وغيره، فهم مستعدون لذلك محبوسون له، الثالث عجزهم عن الأسفار لطلب الرزق فقال: { لا يستطيعون ضربا في الأرض } أي: سفرا للتكسب، الرابع قوله: { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف } وهذا بيان لصدق صبرهم وحسن تعففهم. الخامس: أنه قال: { تعرفهم بسيماهم } أي: بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم، وهذا لا ينافي قوله: { يحسبهم الجاهل أغنياء } فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه، وأما الفطن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم، السادس قوله: { لا يسألون الناس إلحافا } أي: لا يسألونهم سؤال إلحاف، أي: إلحاح، بل إن صدر منهم سؤال إذا احتاجوا لذلك لم يلحوا على من سألوا، فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات لما وصفهم به من جميل الصفات، وأما النفقة من حيث هي على أي شخص كان، فهي خير وإحسان وبر يثاب عليها صاحبها ويؤجر، فلهذا قال: { وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم }

ثم ذكر حالة المتصدقين في جميع الأوقات على جميع الأحوال فقال: { الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } أي: طاعته وطريق مرضاته، لا في المحرمات والمكروهات وشهوات أنفسهم { بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم } أي: أجر عظيم من خير عند الرب الرحيم { ولا خوف عليهم } إذا خاف المقصرون { ولا هم يحزنون } إذا حزن المفرطون، ففازوا بحصول المقصود المطلوب، ونجوا من الشرور والمرهوب، ولما كمل تعالى حالة المحسنين إلى عباده بأنواع النفقات ذكر حالة الظالمين المسيئين إليهم غاية الإساءة فقال:

{ 275 - 281 } { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }

يخبر تعالى عن أكلة الربا وسوء مآلهم وشدة منقلبهم، أنهم لا يقومون من قبورهم ليوم نشورهم { إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } أي: يصرعه الشيطان بالجنون، فيقومون من قبورهم حيارى سكارى مضطربين، متوقعين لعظيم النكال وعسر الوبال، فكما تقلبت عقولهم و { قالوا إنما البيع مثل الربا } وهذا لا يكون إلا من جاهل عظيم جهله، أو متجاهل عظيم عناده، جازاهم الله من جنس أحوالهم فصارت أحوالهم أحوال المجانين، ويحتمل أن يكون قوله: { لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } أنه لما انسلبت عقولهم في طلب المكاسب الربوية خفت أحلامهم وضعفت آراؤهم، وصاروا في هيئتهم وحركاتهم يشبهون المجانين في عدم انتظامها وانسلاخ العقل الأدبي عنهم، قال الله تعالى رادا عليهم ومبينا حكمته العظيمة { وأحل الله البيع } أي: لما فيه من عموم المصلحة وشدة الحاجة وحصول الضرر بتحريمه، وهذا أصل في حل جميع أنواع التصرفات الكسبية حتى يرد ما يدل على المنع { وحرم الربا } لما فيه من الظلم وسوء العاقبة، والربا نوعان: ربا نسيئة كبيع الربا بما يشاركه في العلة نسيئة، ومنه جعل ما في الذمة رأس مال، سلم، وربا فضل، وهو بيع ما يجري فيه الربا بجنسه متفاضلا، وكلاهما محرم بالكتاب والسنة، والإجماع على ربا النسيئة، وشذ من أباح ربا الفضل وخالف النصوص المستفيضة، بل الربا من كبائر الذنوب وموبقاتها { فمن جاءه موعظة من ربه } أي: وعظ وتذكير وترهيب عن تعاطي الربا على يد من قيضه الله لموعظته رحمة من الله بالموعوظ، وإقامة للحجة عليه { فانتهى } عن فعله وانزجر عن تعاطيه { فله ما سلف } أي: ما تقدم من المعاملات التي فعلها قبل أن تبلغه الموعظة جزاء لقبوله للنصيحة، دل مفهوم الآية أن من لم ينته جوزي بالأول والآخر { وأمره إلى الله } في مجازاته وفيما يستقبل من أموره { ومن عاد } إلى تعاطي الربا ولم تنفعه الموعظة، بل أصر على ذلك { فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } اختلف العلماء رحمهم الله في نصوص الوعيد التي ظاهرها تخليد أهل الكبائر من الذنوب التي دون الشرك بالله، والأحسن فيها أن يقال هذه الأمور التي رتب الله عليها الخلود في النار موجبات ومقتضيات لذلك، ولكن الموجب إن لم يوجد ما يمنعه ترتب عليه مقتضاه، وقد علم بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن التوحيد والإيمان مانع من الخلود في النار، فلولا ما مع الإنسان من التوحيد لصار عمله صالحا للخلود فيها بقطع النظر عن كفره.

ثم قال تعالى: { يمحق الله الربا } أي: يذهبه ويذهب بركته ذاتا ووصفا، فيكون سببا لوقوع الآفات فيه ونزع البركة عنه، وإن أنفق منه لم يؤجر عليه بل يكون زادا له إلى النار { ويربي الصدقات } أي: ينميها وينزل البركة في المال الذي أخرجت منه وينمي أجر صاحبها وهذا لأن الجزاء من جنس العمل، فإن المرابي قد ظلم الناس وأخذ أموالهم على وجه غير شرعي، فجوزي بذهاب ماله، والمحسن إليهم بأنواع الإحسان ربه أكرم منه، فيحسن عليه كما أحسن على عباده { والله لا يحب كل كفار } لنعم الله، لا يؤدي ما أوجب عليه من الصدقات، ولا يسلم منه ومن شره عباد الله { أثيم } أي: قد فعل ما هو سبب لإثمه وعقوبته.

لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم، وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين، وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره، وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا أي: المعاملات الحاضرة الموجودة، وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر { وإن تبتم } عن الربا { فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

{ وإن كان } المدين { ذو عسرة } لا يجد وفاء { فنظرة إلى ميسرة } وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به { وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون } إما بإسقاطها أو بعضها.

{ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } وهذه الآية من آخر ما نزل من القرآن، وجعلت خاتمة لهذه الأحكام والأوامر والنواهي، لأن فيها الوعد على الخير، والوعيد على فعل الشر، وأن من علم أنه راجع إلى الله فمجازيه على الصغير والكبير والجلي والخفي، وأن الله لا يظلمه مثقال ذرة، أوجب له الرغبة والرهبة، وبدون حلول العلم في ذلك في القلب لا سبيل إلى ذلك.

{ 282 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

هذه آية الدين، وهي أطول آيات القرآن، وقد اشتملت على أحكام عظيمة جليلة المنفعة والمقدار، أحدها: أنه تجوز جميع أنواع المداينات من سلم وغيره، لأن الله أخبر عن المداينة التي عليها المؤمنون إخبار مقرر لها ذاكرا أحكامها، وذلك يدل على الجواز، الثاني والثالث أنه لا بد للسلم من أجل وأنه لا بد أن يكون معينا معلوما فلا يصح حالا ولا إلى أجل مجهول، الرابع: الأمر بكتابة جميع عقود المداينات إما وجوبا وإما استحبابا لشدة الحاجة إلى كتابتها، لأنها بدون الكتابة يدخلها من الغلط والنسيان والمنازعة والمشاجرة شر عظيم، الخامس: أمر الكاتب أن يكتب، السادس: أن يكون عدلا في نفسه لأجل اعتبار كتابته، لأن الفاسق لا يعتبر قوله ولا كتابته، السابع أنه يجب عليه العدل بينهما، فلا يميل لأحدهما لقرابة أو صداقة أو غير ذلك، الثامن: أن يكون الكاتب عارفا بكتابة الوثائق وما يلزم فيها كل واحد منهما، وما يحصل به التوثق، لأنه لا سبيل إلى العدل إلا بذلك، وهذا مأخوذ من قوله: { وليكتب بينكم كاتب بالعدل } التاسع: أنه إذا وجدت وثيقة بخط المعروف بالعدالة المذكورة يعمل بها، ولو كان هو والشهود قد ماتوا، العاشر: قوله: { ولا يأب كاتب أن يكتب } أي: لا يمتنع من منَّ الله عليه بتعليمه الكتابة أن يكتب بين المتداينين، فكما أحسن الله إليه بتعليمه، فليحسن إلى عباد الله المحتاجين إلى كتابته، ولا يمتنع من الكتابة لهم، الحادي عشر: أمر الكاتب أن لا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق، الثاني عشر: أن الذي يملي من المتعاقدين من عليه الدين، الثالث عشر: أمره أن يبين جميع الحق الذي عليه ولا يبخس منه شيئا، الرابع عشر: أن إقرار الإنسان على نفسه مقبول، لأن الله أمر من عليه الحق أن يمل على الكاتب، فإذا كتب إقراره بذلك ثبت موجبه ومضمونه، وهو ما أقر به على نفسه، ولو ادعى بعد ذلك غلطا أو سهوا، الخامس عشر: أن من عليه حقا من الحقوق التي البينة على مقدارها وصفتها من كثرة وقلة وتعجيل وتأجيل، أن قوله هو المقبول دون قول من له الحق، لأنه تعالى لم ينهه عن بخس الحق الذي عليه، إلا أن قوله مقبول على ما يقوله من مقدار الحق وصفته، السادس عشر: أنه يحرم على من عليه حق من الحقوق أن يبخس وينقص شيئا من مقداره، أو طيبه وحسنه، أو أجله أو غير ذلك من توابعه ولواحقه، السابع عشر: أن من لا يقدر على إملاء الحق لصغره أو سفهه أو خرسه، أو نحو ذلك، فإنه ينوب وليه منابه في الإملاء والإقرار، الثامن عشر: أنه يلزم الولي من العدل ما يلزم من عليه الحق من العدل، وعدم البخس لقوله { بالعدل } التاسع عشر: أنه يشترط عدالة الولي، لأن الإملاء بالعدل المذكور لا يكون من فاسق، العشرون: ثبوت الولاية في الأموال، الحادي والعشرون: أن الحق يكون على الصغير والسفيه والمجنون والضعيف، لا على وليهم، الثاني والعشرون: أن إقرار الصغير والسفيه والمجنون والمعتوه ونحوهم وتصرفهم غير صحيح، لأن الله جعل الإملاء لوليهم، ولم يجعل لهم منه شيئا لطفا بهم ورحمة، خوفا من تلاف أموالهم، الثالث والعشرون: صحة تصرف الولي في مال من ذكر، الرابع والعشرون: فيه مشروعية كون الإنسان يتعلم الأمور التي يتوثق بها المتداينون كل واحد من صاحبه، لأن المقصود من ذلك التوثق والعدل، وما لا يتم المشروع إلا به فهو مشروع، الخامس والعشرون: أن تعلم الكتابة مشروع، بل هو فرض كفاية، لأن الله أمر بكتابة الديون وغيرها، ولا يحصل ذلك إلا بالتعلم، السادس والعشرون: أنه مأمور بالإشهاد على العقود، وذلك على وجه الندب، لأن المقصود من ذلك الإرشاد إلى ما يحفظ الحقوق، فهو عائد لمصلحة المكلفين، نعم إن كان المتصرف ولي يتيم أو وقف ونحو ذلك مما يجب حفظه تعين أن يكون الإشهاد الذي به يحفظ الحق واجبا، السابع والعشرون: أن نصاب الشهادة في الأموال ونحوها رجلان أو رجل وامرأتان، ودلت السنة أيضا أنه يقبل الشاهد مع يمين المدعي، الثامن والعشرون: أن شهادة الصبيان غير مقبولة لمفهوم لفظ الرجل، التاسع والعشرون: أن شهادة النساء منفردات في الأموال ونحوها لا تقبل، لأن الله لم يقبلهن إلا مع الرجل، وقد يقال إن الله أقام المرأتين مقام رجل للحكمة التي ذكرها وهي موجودة سواء كن مع رجل أو منفردات والله أعلم. الثلاثون: أن شهادة العبد البالغ مقبولة كشهادة الحر لعموم قوله: { فاستشهدوا شهيدين من رجالكم } والعبد البالغ من رجالنا، الحادي والثلاثون: أن شهادة الكفار ذكورا كانوا أو نساء غير مقبولة، لأنهم ليسوا منا، ولأن مبنى الشهادة على العدالة وهو غير عدل، الثاني والثلاثون: فيه فضيلة الرجل على المرأة، وأن الواحد في مقابلة المرأتين لقوة حفظه ونقص حفظها، الثالث والثلاثون: أن من نسي شهادته ثم ذكرها فذكر فشهادته مقبولة لقوله: { فتذكر إحداهما الأخرى } الرابع والثلاثون: يؤخذ من المعنى أن الشاهد إذا خاف نسيان شهادته في الحقوق الواجبة وجب عليه كتابتها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والخامس والثلاثون: أنه يجب على الشاهد إذا دعي للشهادة وهو غير معذور، لا يجوز له أن يأبى لقوله: { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } السادس والثلاثون: أن من لم يتصف بصفة الشهداء المقبولة شهادتهم، لم يجب عليه الإجابة لعدم الفائدة بها ولأنه ليس من الشهداء، السابع والثلاثون: النهي عن السآمة والضجر من كتابة الديون كلها من صغير وكبير وصفة الأجل وجميع ما احتوى عليه العقد من الشروط والقيود، الثامن والثلاثون: بيان الحكمة في مشروعية الكتابة والإشهاد في العقود، وأنه { أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا } فإنها متضمنة للعدل الذي به قوام العباد والبلاد، والشهادة المقترنة بالكتابة تكون أقوم وأكمل وأبعد من الشك والريب والتنازع والتشاجر، التاسع والثلاثون: يؤخذ من ذلك أن من اشتبه وشك في شهادته لم يجز له الإقدام عليها بل لا بد من اليقين، الأربعون: قوله: { إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها } فيه الرخصة في ترك الكتابة إذا كانت التجارة حاضرا بحاضر، لعدم شدة الحاجة إلى الكتابة، الحادي والأربعون: أنه وإن رخص في ترك الكتابة في التجارة الحاضرة، فإنه يشرع الإشهاد لقوله: { وأشهدوا إذا تبايعتم } الثاني والأربعون: النهي عن مضارة الكاتب بأن يدعى وقت اشتغال وحصول مشقة عليه، الثالث والأربعون: النهي عن مضارة الشهيد أيضا بأن يدعى إلى تحمل الشهادة أو أدائها في مرض أو شغل يشق عليه، أو غير ذلك هذا على جعل قوله: { ولا يضار كاتب ولا شهيد } مبنيا للمجهول، وأما على جعلها مبنيا للفاعل ففيه نهي الشاهد والكاتب أن يضارا صاحب الحق بالامتناع أو طلب أجرة شاقة ونحو ذلك، وهذان هما الرابع والأربعون والخامس والأربعون والسادس والأربعون أن ارتكاب هذه المحرمات من خصال الفسق لقوله: { وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم } السابع والأربعون أن الأوصاف كالفسق والإيمان والنفاق والعداوة والولاية ونحو ذلك تتجزأ في الإنسان، فتكون فيه مادة فسق وغيرها، وكذلك مادة إيمان وكفر لقوله: { فإنه فسوق بكم } ولم يقل فأنتم فاسقون أو فُسّاق. الثامن والأربعون: - وحقه أن يتقدم على ما هنا لتقدم موضعه- اشتراط العدالة في الشاهد لقوله: { ممن ترضون من الشهداء } التاسع والأربعون: أن العدالة يشترط فيها العرف في كل مكان وزمان، فكل من كان مرضيا معتبرا عند الناس قبلت شهادته، الخمسون: يؤخذ منها عدم قبول شهادة المجهول حتى يزكى، فهذه الأحكام مما يستنبط من هذه الآية الكريمة على حسب الحال الحاضرة والفهم القاصر، ولله في كلامه حكم وأسرار يخص بها من يشاء من عباده.

وقوله تعالى:

{ 283 } { وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }

أي: إن كنتم مسافرين { ولم تجدوا كاتبا } يكتب بينكم ويحصل به التوثق { فرهان مقبوضة } أي: يقبضها صاحب الحق وتكون وثيقة عنده حتى يأتيه حقه، ودل هذا على أن الرهن غير المقبوضة لا يحصل منها التوثق، ودل أيضا على أن الراهن والمرتهن لو اختلفا في قدر ما رهنت به، كان القول قول المرتهن، ووجه ذلك أن الله جعل الرهن عوضا عن الكتابة في توثق صاحب الحق، فلولا أن قول المرتهن مقبول في قدر الذي رهنت به لم يحصل المعنى المقصود، ولما كان المقصود بالرهن التوثق جاز حضرا وسفرا، وإنما نص الله على السفر، لأنه في مظنة الحاجة إليه لعدم الكاتب فيه، هذا كله إذا كان صاحب الحق يحب أن يتوثق لحقه، فما كان صاحب الحق آمنا من غريمه وأحب أن يعامله من دون رهن فعلى من عليه الحق أن يؤدي إليه كاملا غير ظالم له ولا باخس حقه { وليتق الله ربه } في أداء الحق ويجازي من أحسن به الظن بالإحسان { ولا تكتموا الشهادة } لأن الحق مبني عليها لا يثبت بدونها، فكتمها من أعظم الذنوب، لأنه يترك ما وجب عليه من الخبر الصدق ويخبر بضده وهو الكذب، ويترتب على ذلك فوات حق من له الحق، ولهذا قال تعالى: { ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم } وقد اشتملت هذه الأحكام الحسنة التي أرشد الله عباده إليها على حكم عظيمة ومصالح عميمة دلت على أن الخلق لو اهتدوا بإرشاد الله لصلحت دنياهم مع صلاح دينهم، لاشتمالها على العدل والمصلحة، وحفظ الحقوق وقطع المشاجرات والمنازعات، وانتظام أمر المعاش، فلله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه لا نحصي ثناء عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://plus.google.com/app/basic/111256749054740632836
 
تفسير سورة البقرة من الايه 253_286
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة البقرة من الايه 151حتى الايه 176
» تفسير سورة البقرة من الايه 79حتى الايه 100
» تفسير سورة البقرة من الايه 203 حتى 225
» تفسير سورة البقرة من الايه 126_150
» تفسير سورة البقرة من الايه 58_78

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عبق التواصل  :: المنتديات :: المنتدي الإسلامي :: القران والتفسير-
انتقل الى: